لفهم كيفية استخدام جهات التسويق لوكلاء الذكاء الاصطناعي، من المفيد أولًا فهم ماهية هؤلاء الوكلاء. يبدأ ذلك بفهم الفرق بين نوعين رئيسيين من الذكاء الاصطناعي: الذكاء الاصطناعي التوليدي والذكاء الاصطناعي الوكيل. يُنتج الذكاء الاصطناعي التوليدي محتوى أصليًا استنادًا إلى طلب المستخدم. يمكن للذكاء الاصطناعي الوكيل أن يقرر ويتصرف من تلقاء نفسه، ساعيًا لتحقيق أهداف معقدة بأقل قدر من الإشراف.
لا يأتي مساعدو الذكاء الاصطناعي في شكل واحد فقط، بل بدرجات مختلفة على امتداد نطاق متدرج. فمن ناحية، توجد روبوتات المحادثة القائمة على القواعد، والتي تتَّبع نصوصًا محددة مسبقًا. يليها مساعدون افتراضيون أكثر تقدمًا، ثم مساعدون مدعومون بالذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs)، والذين يمكنهم تنفيذ مهام من خطوة واحدة. وفي قمة هذا التسلسل يوجد الوكلاء المدعومون بالذكاء الاصطناعي، والذين يعملون بشكل مستقل. يتخذ هؤلاء الوكلاء القرارات، ويصممون سير العمل، ويستخدمون استدعاء الوظائف للاتصال بالأدوات الخارجية لسد الثغرات في معرفتهم.
يتجاوز وكلاء الذكاء الاصطناعي حدود أتمتة التسويق البسيطة بمراحل. فبينما تقتصر أدوات الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات المحادثة الأساسية على تقديم ردود مبرمجة مسبقًا، فإن وكلاء الذكاء الاصطناعي قادرون على تفسير المدخلات، والتفكير في الخيارات، واتخاذ قرارات مدروسة تُراعي السياق عبر منصات متعددة. يتكيف هؤلاء الوكلاء مع السلوك بمرور الوقت، ويعملون على تجزئة الأهداف الكبيرة إلى خطوات أصغر، ما يُتيح دعم استراتيجيات تسويقية معقدة بأدنى قدر من الإشراف.
على سبيل المثال، تعاوَن فريق التحول في IBM مع قسم الموارد البشرية بالشركة لتقديم تجربة خدمة ذاتية للموظفين، مبسَّطة، وشخصية، وقائمة على البيانات. في الوقت الحالي، يتم الرد على 94% من استفسارات الموارد البشرية على المستوى الأدنى على مستوى الشركة في IBM من خلال الوكيل الرقمي AskHR، ما يُتيح لمتخصصي الموارد البشرية التركيز على القضايا الأكثر تعقيدًا.2
ولتحقيق النتائج، يعتمد وكلاء الذكاء الاصطناعي على مجموعة من التقنيات. ويساعدهم التعلم الآلي في التعرُّف على الأنماط والتوصل إلى التوقعات. وتمكِّنهم معالجة اللغة الطبيعية (NLP) من فهم اللغة البشرية وإنتاجها، ويمنحهم الذكاء الاصطناعي التوليدي القدرة على إنشاء محتوى أصلي.
غالبًا ما يتم تشغيل هؤلاء الوكلاء بواسطة نماذج ذكاء اصطناعي مدرَّبة على مجموعات بيانات كبيرة لدعم قدرات الاستدلال والتخصيص. ومن الجوانب المهمة أيضًا قدرتهم على الاتصال بالأنظمة الخارجية -مثل إدارة علاقات العملاء (CRM) وواجهات برمجة التطبيقات (API)- ما يُتيح لهم الوصول إلى البيانات ذات الصلة، وتخصيص التفاعلات، والعمل في بيئات واقعية.
بدلًا من الاكتفاء بالإجابة عن سؤال عن منتج، قد يتمكن وكيل الذكاء الاصطناعي من التعرُّف على نية العميل في الشراء استنادًا إلى نمط الأسئلة والبيانات التي تم جمعها عنه. يمكن للوكيل بعد ذلك تلخيص الميزات الرئيسية، وتقديم خصم، ومتابعة الأمر بتوصيات مخصصة للمنتجات. يتخذ الوكيل هذه الخطوات دون أن يتلقى تعليمات صريحة.
قد يتولى وكيل ذكاء اصطناعي واحد مهمة بسيطة ومتكررة نسبيًا، مثل تحديث سجلات إدارة علاقات العملاء أو الرد على استفسار عميل. في التطبيقات الأكثر تقدمًا، تعمل أنظمة الوكلاء المتعددين مثل الفرق الذكية. يمكن لهؤلاء الوكلاء تفويض المهام الفرعية، وتبادل المعلومات، والتنسيق عبر الأدوات المختلفة لإتمام سير عمل معقد يشمل تخطيط الحملات، وتوليد نسخ متعددة من المحتوى، وتوزيع المواد، وتحليل الأداء.
وهذه القدرة على التعاون تجعل وكلاء الذكاء الاصطناعي متميزين عن المساعدين التقليديين. فمن خلال تبادل الرؤى وتقسيم المهام، يمكن للوكلاء التعامل مع المهام المترابطة ونقل السياق من عملية إلى أخرى، ما يجعل العمليات التسويقية أكثر ذكاءً وتكيّفًا وكفاءة.