ما المقصود بسحابة البيانات؟

تعتمد معظم المؤسسات الحديثة على بنى تحتية كبيرة ومعقدة لتكنولوجيا المعلومات تجمع بين مزودي الخدمات السحابية (CSPs) والموارد المحلية مثل الخوادم والبرمجيات. تساعد السحابة على توحيد هذه المصادر المختلفة، وزيادة كفاءة إدارة البيانات، وتحسين تكامل البيانات والقضاء على الصوامع (مجموعات معزولة من البيانات قد يصعب على المستخدمين الوصول إليها). 

عند نشرها بشكل صحيح، تساعد سُحُب البيانات المؤسسات على قطاعات مثل الرعاية الصحية، والخدمات المالية، والتسويق، والفضاء الجوي والمزيد على تسريع التحول الرقمي واكتساب قدرات من التقنيات الجديدة.

تتألف سحابة البيانات من ثلاثة عناصر أساسية: مصادر البيانات، وبنية البيانات، ومنصات البيانات - المعروفة باسم منصات البيانات السحابية. وفيما يلي نظرة على كلٍّ من هذه العناصر وكيفية عملها.

مصادر البيانات هي مجموعات من البيانات في شكلها الأصلي. تتضمن بعض الأمثلة الشائعة لمصادر بيانات العملاء المعاملات وعناوين البريد الإلكتروني ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي والمعلومات معلومات التعريف الشخصية (PII) (على سبيل المثال، اسم الشخص وعمره وموقعه الجغرافي). يجب على سحابة البيانات جمع البيانات من مصادر متعددة وتأمينها ودمجها وتحويلها وتخزينها وإدارتها بشكل آمن كي تعمل بفاعلية.

تُشير هندسة البيانات، المعروفة أيضًا باسم هندسة مستودع البيانات، إلى تصميم مخازن البيانات وتصِف كيفية إدارة البيانات من قِبَل المؤسسة بدءًا من جمعها وحتى تحويلها وتوزيعها واستهلاكها. تستخدم المؤسسات مجموعة واسعة من بِنى البيانات ونماذج البيانات وفقًا لاحتياجات أعمالها، بما في ذلك مستودعات البيانات وبحيرات البيانات ومسارات البيانات وشبكة البيانات وغيرها.

في سحابة البيانات، تشمل هندسة البيانات بروتوكولات محددة تهدف إلى جعل جمع البيانات ومعالجتها أكثر كفاءة ضمن بيئة السحابة. على سبيل المثال، تستخدم العديد من السُحُب الحديثة التعلم الآلي (ML) لمعالجة البيانات بكفاءة أكبر.

يساعد التعلم الآلي على تمكين قدرات مثل التحليلات التنبؤية وعمليات صناعة القرار الآلية مع هندسة السحابة، ما يقلِّل من تكاليف بناء وإدارة البنية التحتية التقنية اللازمة محليًا. تُعَد قدرات التعلم الآلي إحدى الميزات التي تجعل سحابة البيانات حلًا ذا قابلية توسُّع عالية للعديد من المؤسسات.

منصات البيانات هي حلول تقنية تُتيح جمع البيانات وتخزينها وتحليلها وإدارتها.في البيئة السحابية، تُعرَف منصة البيانات بمنصة بيانات سحابية، وهي مصممة خصيصًا للمساعدة على استيعاب البيانات ونقلها من التخزين المحلي إلى السحابة.

تساعد منصات البيانات السحابية الحديثة المؤسسات على إدارة البيانات وتحليلها في بنية سحابية أو متعددة السحابة، وتحسين مجموعات البيانات المنظمة وغير المنظمة.

يمكن لسُحُب البيانات أن تساعد المؤسسات بطرق عديدة، بدءًا من اكتشاف رؤى جديدة حول العملاء ووصولًا إلى أتمتة المهام التي كانت تتطلب تدخلًا بشريًا سابقًا. فيما يلي بعض الفوائد الأكثر شيوعًا لتشغيل سحابة البيانات على مستوى المؤسسة:

تمكِّن سُحُب البيانات قادة تكنولوجيا المعلومات من إدارة ومعالجة البيانات من منصة واحدة موحدة، بدلًا من العديد من الأنظمة المعزولة والمتصلة بعضها. على سبيل المثال، عند تخصيص أذونات للبيانات بين المستخدمين في مؤسسة، يمكن للمسؤولين على السحابة التحكم في السياسات باستخدام نقطة تحكم واحدة بدلًا من مواقع متعددة، ما يؤدي إلى تحسين إدارة البيانات والأمان.

تُتيح سُحُب البيانات التحكم في البيانات ومشاركتها خارج أماكن العمل الفعلية، وهو عنصر أساسي في القوى العاملة عن بُعد. باستخدام سحابة البيانات، يمكن للمستخدمين الوصول بشكل آمن إلى البيانات الحساسة من أي مكان في العالم دون زيادة المخاطر الأمنية. 

كما يمكنها نقل البيانات بسلاسة بين الأنظمة الشهيرة مثل بحيرات البيانات ومستودعات البيانات لمعالجة آمنة وفعَّالة، ويمكنها الوصول إلى مزودي سُحُب البيانات المعروفين مثل Salesforce Data Cloud وAmazon Web Services (AWS) وMicrosoft Azure وGoogle Cloud Platform (GCP) للحصول على أحدث حلول سُحُب البيانات عبر نموذج البرمجيات كخدمة (SaaS) ذي قابلية التوسع العالية.

تعتمد سُحُب البيانات على بروتوكولات حديثة لمشاركة البيانات لتحسين تبادل البيانات بين حلول التخزين السحابي وتحسين أداء التطبيقات التي تعتمد على البيانات للعمل. باستخدام واجهات برمجة التطبيقات (APIs)، تربط سُحُب البيانات التطبيقات الخارجية بقواعد البيانات وتساعد التطبيقات على معالجة البيانات بغض النظر عن نوعها أو شكلها أو هيكلها.

تتعامل حلول سُحُب البيانات بسهولة مع أنواع بيانات الأعمال المختلفة التي تعتمد عليها التطبيقات، مثل البيانات التشغيلية والتحليلية وحتى البيانات غير المنظمة مثل الصور ومقاطع الفيديو.تساعد مقاييس سحابة البيانات مديري تكنولوجيا المعلومات على مراقبة مدى فعالية حل سحابة البيانات وتحديد فرص تحقيق المزيد من الكفاءة وتوفير التكاليف. 

تم تجهيز حلول سحابة البيانات الحديثة بتقنيات أمان قوية تساعد على حماية المؤسسات من الهجمات الإلكترونية المكلفة واختراق أمن البيانات. في العام الماضي، أشار تقرير واحد إلى أن متوسط تكلفة اختراق أمن البيانات بلغ 4.88 ملايين دولار أمريكي، بزيادة قدرها 10% عن العام السابق وأعلى مبلغ مسجَّل حتى الآن. 

تعمل حلول سُحُب البيانات على تبسيط وتسهيل حماية البيانات من خلال أتمتة العديد من مهام الأمان التي كانت تتطلب تدخلًا بشريًا، مثل الامتثال للقواعد التنظيمية وحوكمة البيانات. 

تُسهم سُحُب البيانات في تحسين وصول المستخدمين إلى أنواع مختلفة من البيانات، ما يؤدي إلى تبسيط عمليات الأعمال ويوفر للموظفين في جميع أنحاء المؤسسة وصولًا آمنًا إلى المعلومات التي يحتاجونها للتعاون بفاعلية، غالبًا من خلال لوحة معلومات واحدة.

من خلال حل قوي وحديث لسُحُب البيانات، يمكن للموظفين الوصول إلى مجموعات البيانات المنظمة وغير المنظمة وتطبيق تحليلات متقدمة لاكتشاف رؤى قيِّمة.

على الرغم من وجود العديد من الفوائد لتشغيل سُحُب البيانات، تواجه المؤسسات بعض التحديات أيضًا. على وجه التحديد، تواجه المؤسسات التي تسعى لنقل كميات كبيرة من البيانات من بيئة محلية إلى السحابة ثلاثة تحديات شائعة: استيراد البيانات، وسلامة البيانات، وتطوير مهارات العاملين الذين يديرون سُحُب البيانات.

غالبًا ما يعني نقل مجموعات البيانات الكبيرة والمتنوعة إلى السحابة نقل البيانات من مصادر قد تكون بتنسيق مختلف وتتطلب بيئات مختلفة ليتم نقلها وإدارتها بأمان، وهي العملية المعروفة باسم استيعاب البيانات. 

في عملية استيعاب البيانات، يتم تجميع ملفات البيانات المختلفة واستيرادها من مصادر مختلفة إلى قاعدة بيانات لتنظيفها والتخزين لجعلها في متناول المؤسسة.

إذا كان يجب تنظيف البيانات من مصادر مختلفة أو توحيدها قبل نقلها إلى بيئة تخزين جديدة، مثل بحيرة البيانات أو المستودع، فقد يتسبب ذلك في حدوث تأخيرات وحتى أخطاء في العملية.

للحفاظ على سلامة البيانات (دقة البيانات واتساقها واكتمالها) يجب أن تحافظ المؤسسات على مستوى عالٍ من الدقة طوال عملية نقل البيانات. أحد المجالات المحفوفة بالمخاطر بشكل خاص هو الحفاظ على سلامة البيانات في مواجهة مجموعات متعددة من اللوائح التنظيمية.  

عند نقل البيانات إلى السحابة، يجب على المؤسسات الامتثال للأنظمة المتعلقة بخصوصية البيانات والتي تختلف من منطقة إلى أخرى. تخضع البيانات المخزَّنة محليًا ضمن بنية تحتية تملكها وتُديرها المؤسسة لمجموعة من قوانين الامتثال، بينما عند تخزين تلك البيانات في السحابة، فمن المرجح أن تخضع لمجموعة مختلفة من القوانين.

البيانات الوصفية، وهي معلومات عن مصدر مجموعة البيانات، تكون معرَّضة بشكل خاص لهجمات الجهات الضارة، لأنها غالبًا ما تحتوي على معلومات تعريف شخصية حساسة مثل الأسماء، وعناوين IP، والمواقع الجغرافية للأشخاص المرتبطين بهذه البيانات.

يتطلب نقل البيانات من التخزين المحلي إلى السحابة خبرة في إدارة البيانات والحوسبة السحابية، ما قد يضطر الشركات إلى توظيف مواهب جديدة أو إعادة تأهيل فرق تكنولوجيا المعلومات الحالية (رفع المهارات)، وكِلا الخيارين قد يكون مكلفًا ويستهلك الكثير من الموارد.

من أبرز المهارات الجديدة التي تحتاج فرق تكنولوجيا المعلومات إلى اكتسابها للعمل في بيئة سحابة البيانات: التعامل مع حوكمة البيانات وأمنها، وإتقان نمذجة البيانات وتدفقات العمل في السحابة، والتعرُّف على تفاصيل إدخال البيانات ودمجها في بيئة تخزين سحابية.

بدءًا من إنشاء تطبيقات جديدة ومبتكرة إلى تحسين تجارب العملاء، تساعد سُحُب البيانات المؤسسات على إيجاد طرق جديدة لإدارة بياناتها الأكثر قيمة واستخدامها. وفيما يلي بعض حالات الاستخدام الأكثر شيوعًا وفاعلية لسُحُب البيانات اليوم.

تُعَد الحوسبة السحابية محورًا أساسيًا في تطوير التطبيقات الحديثة، إذ تمكِّن المطورين من تبسيط دورات حياة التطوير من خلال كتابة التعليمات البرمجية، ونشر قواعد البيانات وإدارتها، واختبار وظائف التطبيقات - كل ذلك في السحابة.

تساعد سُحُب البيانات على تبسيط طريقة تفاعل المطورين مع مجموعات البيانات ودمجها في التطبيقات التي يعملون على تطويرها. من خلال الاستفادة من قدرات حوسبة الحافة وتقنيات إنترنت الأشياء، تساعد سُحُب البيانات على تقريب التطبيقات من مصادر البيانات، ما يُتيح لتطبيقات البث التي تعتمد على كميات كبيرة من البيانات في الوقت الفعلي (المعروفة باسم تدفقات البيانات) -مثل Twitch وTikTok- أن تعمل بكفاءة.

تخزِّن سُحُب البيانات الحديثة البيانات المنظمة وغير المنظمة، ما يُتيح للمستخدمين تحليل كِلا النوعين بسهولة وأمان لأغراض تحليلية متنوعة. على سبيل المثال، يستطيع المحللون استخدام سُحُب البيانات لفهم إدارة علاقات العملاء (CRM) وبيانات العملاء بشكل أفضل وإنشاء ملفات تعريف للعملاء للمساعدة على حل مشكلات الأعمال، وهي العملية المعروفة باسم حل الهوية. 

تُستخدَم سُحُب البيانات أيضًا على نطاق واسع في تحليل المشاعر وإنشاء منصات بيانات العملاء لتحليل كميات كبيرة من البيانات النصية لتحديد إذا ما كانت تعبِّر عن مشاعر إيجابية أو سلبية.

تعتمد المؤسسات التي تتطلع إلى استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) لأغراض الأعمال على سُحُب البيانات للحصول على حل تخزين بيانات مركزي وقابل للتطوير بدرجة كبيرة يسمح بمعالجة كميات هائلة من البيانات أثناء تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. في سحابة البيانات الحديثة، يمكن تخزين النصوص، والصور، والصوت، والفيديو، والبيانات الحسية وأنواع البيانات الأخرى بأمان، مع سهولة الوصول إليها من موقع آمن. 

تساعد سُحُب البيانات في التسويق (المعروفة باسم سُحُب التسويق) على تمكين قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل التحليلات التنبؤية، ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP) والتعرُّف على الصور ليتم برمجتها داخل التطبيقات المتطورة. على سبيل المثال، Agentforce من Salesforce هو حل الذكاء الاصطناعي الذي ينفِّذ إجراءات قائمة على البيانات عبر وظائف الأعمال المتعددة التي كانت تتطلب في السابق تدخلًا بشريًا.¹

تؤدي سُحُب البيانات الحديثة دورًا مهمًا في عمليات استمرارية الأعمال والتعافي من الكوارث (BCDR)، ما يساعد الشركات على العودة إلى سير العمل الطبيعي عند وقوع كارثة.

قبل ظهور سحابة البيانات، كان يجب نقل البيانات بين أنظمة التخزين على منصات مختلفة، وهي عملية أصبحت أكثر تعقيدًا مع ازدياد حجم البيانات التي تحتاج الشركات إلى تخزينها.

يمكن لسحابة البيانات استضافة أعباء العمل ذات المهام الحساسة ضمن بنية تحتية موحدة ومتصلة، ما يوفر وصولًا سريعًا وآمنًا إلى جانب مجموعة قوية من خيارات الأمان والتعافي.