التحول في مجال المشتريات الرقمية وإستراتيجيته

من خلال تبني التقنيات الرقمية مثل أنظمة المشتريات الإلكترونية وتحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات تبسيط العمليات وتحسين الكفاءة وخفض التكاليف. ويؤدي هذا التحول إلى بُعد الشركات عن العمليات اليدوية والمستندات الورقية والانتقال إلى إستراتيجيات آلية قائمة على البيانات توفر قدرًا أكبر من الشفافية والتحكم، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز إستراتيجيات البحث واختيار الموارد.

تعمل منصات المشتريات الإلكترونية على توحيد أنشطة المشتريات وتقليل الأخطاء وضمان الامتثال. وتعمل الأتمتة والذكاء الاصطناعي في عمليات الشراء على تعزيز هذه الأنظمة من خلال أداء المهام المتكررة - مثل معالجة الفواتير وتقييم الموردين - بينما توفر التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي معارف حول اتجاهات السوق وأداء الموردين.

تعمل أدوات إدارة علاقات الموردين (SRM) على تحسين التعاون مع الموردين، ما يؤدي إلى تحسين المفاوضات وتعزيز جودة السلع والخدمات. تساعد التحليلات التنبئية الشركات على توقع الطلب بدقة، وتحسين مستويات المخزون ومنع وجود نقص أو فائض في المخزون.

تضيف تقنية سلسلة الكتل والعقود الذكية طبقة أخرى من كفاءة المشتريات والأمان. تضمن تقنية سلسلة الكتل أن تظل سجلات المشتريات غير قابلة للتلاعب، ما يقلل من الاحتيال والأخطاء، بينما تعمل العقود الذكية على أتمتة تنفيذ الاتفاقيات بين المشترين والموردين. تساعد هذه الإمكانات على ضمان استيفاء الشروط التعاقدية من دون الحاجة إلى وسطاء. 

لا تقتصر فائدة المشتريات الرقمية على الشركات الكبيرة فحسب، بل تفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم (SMBs) أيضًا، حيث توفر لها وصولاً أفضل إلى الموردين والتسعير التنافسي وإدارة أفضل للتدفقات النقدية. من خلال تبني تقنيات جديدة وإستراتيجية تحول رقمية، يمكن للمؤسسات أن تتغلب على تعقيدات سلسلة التوريد بفعالية وتظل قادرة على المنافسة.

تعزز المشتريات الرقمية الكفاءة وتقلل التكاليف وتوفر رؤية أكبر لعمليات الشراء. غالبًا ما تعتمد عمليات الشراء التقليدية على المهام اليدوية والمستندات الورقية والتواصل المجزأ، ما يؤدي إلى أوجه قصور وأخطاء.

ومن خلال استخدام سير العمل الذكية المدعومة بتحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي والأتمتة، يمكن للشركات تبسيط هذه العمليات وإجراء عمليات تحسين كبيرة. تزداد أهمية ذلك، حيث توصلت دراسة IBM إلى أن ثلث رؤساء سلسلة التوريد بدأوا العمل مع موردين في دول أو مناطق جديدة خلال السنوات الثلاث الماضية.² يساعد القضاء على المشكلات في العمليات الشركات على تحسين سلاسل التوريد وتقصير أوقات دورات الشراء وتحقيق وفورات في التكاليف والكفاءة التشغيلية.

على سبيل المثال، يعتمد التعاون بين Dun & Bradstreet Ask Procurement و IBM watsonx

على البيانات الموثوقة والذكاء الاصطناعي لإجراء تقييمات شاملة لمخاطر الموردين، ويُقدّر أن يقلل الوقت اللازم لمهام الشراء بنسبة 10-20%.⁴  في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفرت إحدى المؤسسات المالية 20 مليون دولار من تكاليف التشغيل بفضل سير العمل الذكية.³ كما حولت شركة IBM، التي تدير عمليات في أكثر من 170 دولة ويشارك فيها أكثر من 13000 مورد، عمليات الشراء لديها باستخدام الذكاء الاصطناعي والأتمتة وسلسلة الكتل. وقد أتاح هذا التحول لفريق المشتريات في الشركة إمكانية التعاقد مع الموردين بشكل أسرع 10 مرات وإجراء تحليل التسعير في 10 دقائق مقارنةً بيومين في الوقت السابق.³

بالإضافة إلى التوفير والكفاءة، تُعد المشتريات الرقمية ضرورية لإدارة مخاطر سلسلة التوريد والمساعدة على ضمان المرونة. تساعد تحليلات البيانات في الوقت الفعلي والتنبؤ الرؤساء التنفيذيين للمشتريات (CPOs) على تحديد الاضطرابات أو مخاطر الموردين أو تحولات السوق، ما يتيح إجراء تعديلات سريعة على الإستراتيجية. الاستدامة مدعومة من خلال تتبع امتثال الموردين للمعايير البيئية والأخلاقية.

تؤدي المشتريات الرقمية أيضًا دورًا رئيسيًا في تعزيز رضا العملاء. تتبع العديد من شركات B2B صافي نقاط المروجين (NPS) لقياس مدى سعادة العملاء. من خلال تحسين المشتريات، يمكن للشركات تحسين تجارب العملاء، ما يؤدي إلى تحسين بنسبة 30-50% في صافي نقاط المروجين والمساعدة على ضمان التسليم عالي الجودة في الوقت المحدد بطريقة تفوق التوقعات.³

تستخدم المشتريات الرقمية أدوات وتقنيات مختلفة لتعزيز عملية الشراء وأتمتتها. من أمثلة تقنيات المشتريات الرقمية ما يلي: 

تقنية سلسلة الكتل والعقود الذكية: تضمن سلسلة الكتل معاملات شراء آمنة وغير قابلة للتلاعب من خلال إنشاء سجل شفاف وغير قابل للتغيير للمشتريات والعقود والمدفوعات. تعمل العقود الذكية على أتمتة إدارة العقود، ما يضمن استيفاء الشروط من دون الحاجة إلى وسطاء، ما يؤدي إلى تسريع المعاملات وتعزيز أمنها.

أدوات الأمن الإلكتروني وحماية البيانات: تحمي هذه التقنيات بيانات المشتريات ومعلومات الموردين والمعاملات المالية من التهديدات الإلكترونية. وتتضمن التشفير والمصادقة متعددة العوامل والكشف عن التهديدات في الوقت الفعلي لحماية عمليات الشراء الحساسة والحفاظ على الامتثال التنظيمي.

الأسواق الرقمية وشبكات الموردين: تعمل هذه المنصات على توسيع وصول الشركة إلى مجموعة واسعة من الموردين والمنتجات، ما يعزز المنافسة والابتكار. و تبسط عملية الشراء من خلال المقارنة السهلة بين الأسعار والعروض، وتعزيز الشفافية وتقليل أوقات دورات الشراء.

منصات المشتريات الإلكترونية: تدير هذه الأنظمة الرقمية، مثل Coupa وProcurify، دورة من البحث إلى الدفع بأكملها، من الطلب وحتى الدفع. وتعمل على أتمتة طلبات الشراء، وتبسيط إنشائها وتتبعها وإدارتها. كما أنها تضمن الامتثال للسياسات وتقلل من الأخطاء اليدوية وتزيد من الكفاءة.

حلول المشتريات عبر الهاتف المحمول: تتيح هذه التطبيقات لموظفي المشتريات إدارة العمليات في أثناء التنقل، وتوفر إمكانية الوصول في الوقت الفعلي إلى المعلومات المهمة وتتيح صناعة القرار بشكل أسرع، بما في ذلك الموافقات على طلبات الشراء والعقود في الوقت الفعلي. فهي تعزز المرونة وسرعة الاستجابة وتساعد على ضمان استمرارية العمليات خارج المكتب.

التحليلات التنبئية للتنبؤ بالطلب: من خلال تحليل البيانات القديمة واستخدام الخوارزميات المتقدمة، تتنبأ هذه الأدوات باتجاهات الطلب المستقبلية. وهذا يُمكِّن الشركات من تحسين مستويات المخزون والحد من نفاد المخزون وتقليل تكاليف المخزون الفائض، ما يؤدي إلى تحسين إدارة سلسلة التوريد.

أدوات إدارة المخاطر والامتثال: تساعد هذه الأدوات المؤسسات على تحديد المخاطر المحتملة في سلسلة التوريد وتقييمها والحد منها، ما يساعد على ضمان الامتثال للوائح التنظيمية والحد من الاضطرابات. فهي توفر مراقبة وإعداد تقارير في الوقت الفعلي، ما يتيح الإدارة الاستباقية للمخاطر والالتزام بمعايير المجال.

أدوات تحليل الإنفاق: يرى 59% من الرؤساء التنفيذيين للمشتريات (CPO) أنه من المهم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التحليلات التنبئية للإنفاق والتوريد.¹ تستخدم هذه الأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي وتحليلات البيانات وتتميز بلوحات معلومات تعرض اتجاهات المشتريات وأنماط الإنفاق وأداء الموردين. تساعد هذه المعارف العملية على تحديد فرص توفير التكاليف وتحسين إدارة الإنفاق ودعم التوريد الإستراتيجي. 

أدوات إدارة العلاقات مع الموردين (SRM): تركز أدوات إدارة العلاقات مع الموردين على إدارة التفاعلات مع الموردين وتحسينها. فهي توفر وظائف لتتبع أداء الموردين وتسهيل التواصل وتعزيز التعاون. وتؤدي هذه الإمكانات إلى تحسين المفاوضات وتحسين جودة السلع والخدمات.

يوفر تنفيذ إستراتيجية المشتريات الرقمية العديد من المزايا التي تعزز الكفاءة التشغيلية والقيمة الإستراتيجية. فيما يلي بعض المزايا الرئيسية:

تعزيز الكفاءة: تعمل برامج المشتريات الرقمية على أتمتة المهام المتكررة وتقليل الأخطاء اليدوية وتسريع دورات الشراء.

خفض التكاليف: تعمل الأتمتة وتحليلات البيانات على تحديد فرص توفير التكاليف وتحسين الإنفاق وتحسين مفاوضات الموردين.

تحسين العلاقات مع الموردين: تسهل أدوات إدارة العلاقات مع الموردين (SRM) التواصل والتعاون بشكل أفضل، ما يؤدي إلى تعزيز الشراكات وتحسين جودة السلع والخدمات.

الحد من المخاطر: تساعد المراقبة في الوقت الفعلي والتحليلات التنبئية على تحديد الاضطرابات المحتملة في سلسلة التوريد ومعالجتها، ما يساعد على ضمان استمرارية الأعمال. تكتشف المؤسسات التي حسنت الذكاء الاصطناعي من الشراء إلى الدفع فواتير احتيالية بنسبة 50% أكثر.⁵

زيادة الشفافية: توفر المنصات الرقمية المركزية رؤية واضحة لأنشطة المشتريات، ما يعزز المساءلة والامتثال.

قابلية التوسع: يمكن لحلول المشتريات الرقمية أن تتكيف بسهولة مع نمو الأعمال، وتستوعب أحجام المشتريات المتزايدة من دون زيادة متناسبة في الموارد.

صناعة القرار المستندة إلى البيانات: يتيح الوصول إلى البيانات والمقاييس الشاملة اتخاذ قرارات إستراتيجية مستنيرة، وتحسين نتائج المشتريات وتوفير التكلفة.

يمكن أن يؤدي تنفيذ إستراتيجية المشتريات الرقمية إلى تعزيز كفاءة المؤسسات وتوفير التكاليف والشفافية بشكل كبير. للمساعدة على ضمان نجاح عملية الانتقال، يتعين على المؤسسات وضع خارطة طريق واضحة لتنفيذ المشتريات الرقمية التي تتضمن أفضل الممارسات التالية:

تنبع العديد من أوجه القصور في المشتريات من الأنظمة المجزأة التي تتطلب إدخال البيانات يدويًا، ما يؤدي إلى حدوث أخطاء. من خلال دمج مجموعة تقنية موحدة، يمكن لمؤسسة المشتريات تمكين تدفق المعلومات بسلاسة وتحسين استخدام التطبيقات الحالية. يؤدي ربط أدوات المشتريات بأنظمة تخطيط موارد المؤسسات (ERP) إلى تعزيز اتساق البيانات وتحسين أتمتة سير العمل وضمان رؤية أفضل. على سبيل المثال، عند دمج نظام تخطيط موارد المؤسسات في برامج المشتريات الإلكترونية، يمكن مزامنة طلبات الشراء والموافقات والفواتير تلقائيًا. يقلل هذا الدمج من الازدواجية والحاجة إلى التسوية اليدوية.

يقلل الاتساق في سير عمل المشتريات من المخاطر ويمنع الأخطاء ويحسن الكفاءة. يساعد إنشاء عمليات موحدة على ضمان اتباع فرق المشتريات للخطوات المنظمة نفسها في كل مرة، ما يؤدي إلى نتائج موثوقة يمكن التنبؤ بها. وهذا مهم لأنشطة الشراء عالية المخاطر حيث يكون الامتثال والدقة أمرين مهمين. على سبيل المثال، ستساعد عملية تأهيل الموردين الموحدة التي تتطلب من كل مورد جديد الخضوع لتقييمات مخاطر محددة مسبقًا والموافقات على العقود على تقليل الأخطاء وانتهاكات الامتثال في المؤسسة.

تحتاج فرق المشتريات المرنة إلى أدوات أتمتة مرنة للتكيف مع الاضطرابات في سلاسل التوريد وعمليات الأعمال.تتيح الأتمتة منعدمة الرموز أو منخفضة الرموز للفرق إمكانية تعديل سير العمل وأتمتة المهام الروتينية من دون الاعتماد على تقنية المعلومات في كل تغيير. وهذا يمكن موظفي المشتريات من الاستجابة بسرعة للتحديات مع الحفاظ على الإشراف على تقنية المعلومات. على سبيل المثال، يمكن لفريق المشتريات استخدام منصة منعدمة الرموز لإنشاء سير عمل آلي للموافقة يوجه على الفور طلبات الشراء إلى المديرين المناسبين بناءً على عوامل مثل شروط العقد أو أداء التسليم.

يتفق 73% من الرؤساء التنفيذيين للمشتريات على أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الأشخاص، ولكن الأشخاص الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي سيحلون محل الأشخاص الذين لا يستخدمونه. 1 حتى مع وجود أفضل الأدوات الرقمية، يعتمد نجاح المشتريات على خبرة الفريق الذي يديرها. توعية الموظفين بالأنظمة والعمليات الجديدة لتسهيل التبني ومعالجة أي معوقات للتغيير. يساعد الاستثمار في تنمية المواهب على ضمان تعظيم المؤسسات لقيمة مبادرات المشتريات الرقمية لديها.

يتعين على قادة المشتريات معالجة التعقيد بالبساطة. في حين يعتقد الكثير من الناس أن تبسيط سير العمل يزيل أوجه القصور، إلا إن التبسيط الحقيقي ينطوي على تصميم عمليات يسهل على المستخدمين فهمها وتشغيلها. وبرز الإنجاز الفعلي مع ظهور "البساطة المصممة"، ما يؤدي إلى زيادة بنسبة 42% في نجاح التحول. ومن خلال اتباع مبادئ البساطة المصممة، تكون وظائف المشتريات أقل عرضة لمواجهة المزيد من التعقيدات بنسبة 21%، على عكس النهج التقليدية التي غالبًا ما تزيد الأمور سوءًا.⁶