لماذا يُعد الترميز الأخضر محفزًا قويًا لمبادرات الاستدامة؟

الترميز الأخضر هو ممارسة حوسبة مستدامة بيئيًا تهدف إلى تقليل الطاقة المستهلكة في معالجة أسطر التعليمات البرمجية، ومن ثم مساعدة المؤسسات على تقليل استهلاك الطاقة الكلي. ولقد حددت العديد من المؤسسات أهدافًا لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة استجابة لأزمة تغير المناخ واللوائح العالمية؛ ويُعد الترميز الأخضر وسيلة لدعم هذه الأهداف البيئية.

الترميز الأخضر هو جزء من الحوسبة الخضراء، فهو ممارسة تهدف إلى الحد من التأثير البيئي للتكنولوجيا، بما في ذلك تقليل البصمة الكربونية في العمليات عالية الكثافة، مثل خطوط التصنيع ومراكز البيانات وحتى العمليات اليومية لفرق الأعمال. ويشمل هذا الإطار الأكبر للحوسبة الخضراء أيضًا البرمجيات الخضراء—التطبيقات التي تم بناؤها باستخدام ممارسات الترميز الأخضر.

أسهمت التطورات التي حدثت في التقنية—بداية من البيانات الضخمة ووصولًا إلى استخراج البيانات—في زيادة هائلة في استهلاك الطاقة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وفقًا لرابطة أجهزة الحوسبة، تضاعف استهلاك الطاقة السنوي في مراكز البيانات على مدار العقد الماضي. وأصبحت الآن الحوسبة وتقنية المعلومات مسؤولتين عمَّا يتراوح بين 1.8% و3.9% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم.

لفهم كيفية قدرة الترميز الأخضر على تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كامل، فمن المفيد التعمق في استهلاك الطاقة للبرمجيات:

• البنية التحتية: تتطلب الأجهزة المادية والشبكات والعناصر الأخرى للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الطاقة من أجل العمل. فداخل أي مؤسسة، من المحتمل أن تكون هناك مناطق تكون فيها البنية التحتية للحوسبة معقدة بشكل مفرط أو مفرطة في التخصيص، ما يؤدي إلى استخدام غير فعال للطاقة.
• المعالجة: تستهلك البرمجيات الطاقة في أثناء تشغيلها. وكلما زادت تعقيدات البرمجيات أو كبر حجم الملف، زاد وقت المعالجة واستهلاك الطاقة.
• عمليات التطوير: في عملية الترميز المعتادة، يكتب المطورون أسطرًا من التعليمات البرمجية، والتي يتم تحليلها ومعالجتها عبر جهاز. يتطلب الجهاز طاقة، وإذا لم تكن هذه الطاقة من مصادر متجددة بنسبة 100%، فإنها تولد انبعاثات كربونية. كلما زادت كمية التعليمات البرمجية المراد معالجتها، زاد استهلاك الجهاز للطاقة وارتفع مستوى الانبعاثات.

أظهرت الأبحاث الحديثة المتعلقة بسرعة وطاقة استخدام لغات البرمجة المختلفة أن لغة البرمجة C كانت الأكثر كفاءة من حيث السرعة، ما نتج عنه تقليل استخدام الطاقة والذاكرة وتوفير فرصة محتملة أخرى لتوفير الطاقة. ولكن، لا يزال يوجد بعض الجدل بشأن كيفية تحقيق ذلك والمقاييس التي يجب استخدامها لتقييم توفير الطاقة.

يبدأ الترميز الأخضر بالمبادئ نفسها المستخدمة في الترميز التقليدي. ولتقليل كمية الطاقة المطلوبة لمعالجة التعليمات البرمجية، يمكن للمطورين تبني مبادئ البرمجة الأقل استهلاكًا للطاقة ضمن دورة حياة عمليات التطوير.

يركز نهج "البرمجة الرشيقة" على استخدام الحد الأدنى من المعالجة اللازمة لتقديم التطبيق النهائي. فعلى سبيل المثال، يمكن لمطوري مواقع الويب إعطاء الأولوية لتقليل حجم الملف (مثل تبديل الوسائط عالية الجودة بملفات أصغر). ولا يؤدي ذلك إلى تسريع أوقات تحميل الموقع الإلكتروني فحسب، بل يحسِّن أيضًا من تجربة المستخدم.

يهدف الترميز الرشيق أيضًا إلى تقليل التضخم في التعليمات البرمجية، وهو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى التعليمات البرمجية الطويلة أو البطيئة بشكل غير ضروري والتي تهدر الموارد. ويمكن أن تكون التعليمات البرمجية مفتوحة المصدر عاملاً مساهمًا في هذا التضخم البرمجي. نظرًا إلى أن التعليمات البرمجية مفتوحة المصدر مُصممة لخدمة مجموعة واسعة من التطبيقات، فإنها تحتوي على كمية كبيرة من التعليمات البرمجية التي لا تُستخدم في البرمجية المحددة. على سبيل المثال، قد يسحب مطوّر مكتبة كاملة إلى صورة ما، بينما لا يحتاج إلا إلى جزء بسيط من وظائفها. تستخدم هذه التعليمات البرمجية الزائدة قدرة معالجة إضافية وتؤدي إلى انبعاثات كربونية فائضة.

من خلال تبنّي ممارسات البرمجة الرشيقة، يصبح من المرجح أن يصمّم المطوّرون تعليمات برمجية تستخدم أقل قدر ممكن من المعالجة، مع ضمان تحقيق النتائج المطلوبة.

عادةً ما تُصمَّم مبادئ الترميز الأخضر لتكمل معايير وممارسات الاستدامة لتكنولوجيا المعلومات الموجودة بالفعل في جميع أنحاء المؤسسة. وتمامًا كما هو الحال عند تنفيذ مبادرات الاستدامة في مجالات أخرى بالمؤسسة، يتطلّب الترميز الأخضر تغييرات هيكلية وثقافية على حد سواء.

التغييرات الهيكلية

• تحسين استهلاك الطاقة في الأساس: يمكن برمجة التطبيقات المستندة إلى معالجات متعددة النوى لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن توجه التعليمات البرمجية المعالجات مباشرة لإيقاف التشغيل وإعادة التشغيل في غضون ميكرو ثوانٍ، بدلاً من الاعتماد على إعدادات توفير الطاقة الافتراضية التي قد لا تكون فعّالة بالقدر نفسه.
• الكفاءة في تكنولوجيا المعلومات: يُشار أحيانًا إلى هذه المنهجية باسم تكنولوجيا المعلومات الخضراء أو الحوسبة الخضراء، وتهدف إلى تحسين استخدام الموارد وتوحيد أحمال التشغيل لتقليل استهلاك الطاقة. فمن خلال تحسين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات باستخدام أدوات حديثة مثل الأجهزة الافتراضية (VMs) والحاويات، يمكن أن تقلل المؤسسات عدد الخوادم الفعلية المطلوبة للعمليات، ما يقلل بدوره من استهلاك الطاقة وكثافة الكربون.
• الخدمات المصغرة: تُعد الخدمات المصغرة نهجًا تزداد شعبيته في بناء التطبيقات، حيث تُقسم البرمجيات المعقدة إلى عناصر أصغر تُسمى الخدمات. ويتم استدعاء هذه الخدمات المصغرة عند الحاجة فقط، بدلاً من تشغيل برنامج كبير متكامل بالكامل. وتصبح النتيجة أن التطبيقات تعمل بكفاءة أكبر.
• عمليات التطوير السحابية: تقلل التطبيقات التي تعمل على البنية التحتية السحابية الموزعة من كمية البيانات المنقولة عبر الشبكة واستهلاك الطاقة الكلي للشبكة.

التغييرات الثقافية

• تمكين الإدارة والموظفين: لا يكون التغيير فعالاً إلا عندما يشارك فيه الموظفون والإدارة. يساعد تشجيع التبني من خلال رسائل متسقة لفريق عمليات التطوير بأكمله على دعم أجندة الاستدامة ويجعل الأشخاص يشعرون بأنهم جزء من الحل.
• تشجيع الابتكار: غالبًا ما تقود فرق عمليات التطوير الرغبة في الابتكار وابتكار حلول للمشكلات الكبرى. شجّع الفرق على البحث عن طرق جديدة للاستفادة من رؤى البيانات، والتعاون مع الشركاء، واغتنام فرص أخرى لتوفير الطاقة.
• استمر في التركيز على النتائج: ستظهر مشكلات عند تنفيذ مبادرات جديدة مثل الترميز الأخضر. ومن خلال توقع التحديات، يمكن للشركات التعامل مع المشكلات التي تنشأ بسهولة أكبر.

بعيدًا عن فوائد توفير الطاقة، قد تكتشف الشركات أيضًا مزايا إضافية لممارسات الترميز الأخضر، بما في ذلك ما يلي:

• خفض تكاليف الطاقة: إنه المبدأ البسيط: استخدم أقل، وأنفق أقل. إذ مع تزايد تقلب أسعار الطاقة، تسعى المؤسسات لتقليل نفقاتها على الطاقة، ليس فقط من أجل الاستدامة البيئية، بل أيضًا للحفاظ على استدامة الأعمال.
• تقدم متسارع نحو أهداف الاستدامة: تسعى معظم المؤسسات اليوم إلى تحقيق أهداف صافي انبعاثات صفرية أو تنفيذ مبادرات إستراتيجية لتقليل الانبعاثات بهدف تعزيز الاستدامة. ويُسهم الترميز الأخضر في تقريب المؤسسات من تحقيق هذا الهدف.
• أرباح أعلى: يبلغ الرؤساء التنفيذيون الذين ينفذون مبادرات الاستدامة والتحول الرقمي، مثل الترميز الأخضر، عن متوسط هامش تشغيلي أعلى من نظرائهم، بحسب  دراسة CEO لعام 2022 من IBM.
• تحسين الانضباط في التطوير: يوفّر استخدام الترميز الأخضر للمبرمجين القدرة على تبسيط البُنى التحتية المعقدة، ما يمكن أن يوفر الوقت ويقلل من حجم التعليمات البرمجية التي يكتبها مهندسو البرمجيات.

لمعرفة المزيد عن IBM والترميز الأخضر، ابدأ بالمستندات الفنية من معهد قيمة الأعمال: استدامة تكنولوجيا المعلومات خارج نطاق مركز البيانات.

تتناول هذه المستندات الفنية دور مطوري البرمجيات المحوري في تعزيز الحوسبة المسؤولة وتكنولوجيا المعلومات الخضراء، وتستعرض أربعة مصادر رئيسية للانبعاثات من البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، كما تبحث في كيفية الوفاء بوعد تكنولوجيا المعلومات الخضراء من خلال السحابة الهجينة.

يُعد تحسين البنية التحتية وسيلة مهمة لتقليل بصمتك الكربونية من خلال الاستخدام الأمثل للموارد. وتُعد إحدى أسرع الطرق لتحقيق تأثير ملموس في كفاءة الطاقة هي تكوين الموارد تلقائيًا لتقليل هدر الطاقة والانبعاثات الكربونية. IBM Turbonomic Application Resource Management هو منصة برمجيات من IBM تتيح أتمتة الإجراءات المهمة لتقديم الاستخدام الأكثر كفاءة لموارد الحوسبة والتخزين والشبكة لتطبيقاتك على جميع طبقات البنية التحتية بشكل مستمر وفي الوقت الفعلي، من دون المساس بأداء التطبيقات.

عندما تستهلك التطبيقات فقط ما تحتاجه لأداء وظائفها، يمكنك زيادة الاستفادة من الموارد، وخفض تكاليف الطاقة والانبعاثات الكربونية، وتحقيق عمليات فعَّالة باستمرار. يشهد العملاء اليوم انخفاضًا يصل إلى 70% في تكاليف النمو المتجنّب من خلال الاستفادة من IBM Turbonomic لفهم أفضل لاحتياجات التطبيقات. اقرأ أحدث دراسة من Forrester TEI وتعرف على كيفية تأثير تكنولوجيا المعلومات في التزام مؤسستك بتشغيل مستدام لتكنولوجيا المعلومات، مع ضمان أداء التطبيقات سواء في مركز البيانات أو في السحابة.

وأخيرًا، تُعد إحدى الطرق الأساسية لتعزيز الحوسبة الخضراء هي اختيار بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات عالية الكفاءة في استهلاك الطاقة لكل من مراكز البيانات المحلية والسحابية. على سبيل المثال، يمكن لخوادم IBM LinuxONE Emperor 4 تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 75% والمساحة بنسبة 50% للأحمال نفسها على خوادم X86 Server. ويمكن بعد ذلك تقليل احتياجات الطاقة بشكل أكبر من خلال الترميز الأخضر باستخدام النقل بالحاويات وتحسين المترجم/المفسر وتسريع الأجهزة.