التصنيع الأخضر، الذي يُطلق عليه أيضًا التصنيع المستدام أو الإنتاج الأخضر، هو إنشاء المنتجات بطريقة تقلل من البصمة الكربونية الإجمالية لعملية التصنيع. كما يقلل التصنيع الأخضر من التأثيرات البيئية السلبية مع الحفاظ على الطاقة والموارد الطبيعية.
تشمل ممارسات التصنيع الأخضر استخدام التقنية لزيادة الكفاءة التشغيلية إلى أقصى حد، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة والاستعانة بمصادر المواد المستدامة، وحماية المناطق الطبيعية والنظام البنائي. ولا تقتصر هذه الممارسات الصديقة للبيئة على تحسين الاستدامة في التصنيع فحسب، بل توفر أيضًا ميزة للأعمال التجارية مثل توفير التكاليف والامتثال التنظيمي وتحسين السمعة وزيادة السلامة لكل من المستهلكين والموظفين.
يشمل قطاع التصنيع جميع الصناعات الأخرى تقريبًا، مثل البناء والنقل وتجارة البيع بالتجزئة. ومع ذلك، فإن حجم البصمة الكربونية للتصنيع يتناسب مع تأثيره الاقتصادي الكبير. إن التصنيع والإنتاج مسؤولان عما يقرب من خُمس انبعاثات الكربون في العالم، وهو سبب رئيسي من أسباب تغير المناخ. كما أنه يستهلك أكثر من نصف مصادر الطاقة في العالم.1 لذا يُمكن أن يساعد التصنيع الأخضر في جعل القطاع أكثر استدامة من خلال تقليل استخدام الطاقة والموارد الطبيعية.
يُمكن للمؤسسة تنفيذ الممارسات المستدامة بطرق مختلفة منها:
يؤدي اختيار مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج الطاقة إلى تقليل الانبعاثات في جميع عمليات الإنتاج. والطاقة المستمدة من مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أو الطاقة الحرارية الأرضية أو الطاقة الكهرومائية هي التي تزود محطات التصنيع الخضراء بالطاقة.
يُمكن للمصنّعين استخدام استراتيجيات مختلفة لتقليل الاستهلاك الكلي للطاقة وتعزيز كفاءة الطاقة. على سبيل المثال، تستخدم المصانع الخضراء بدائل للمعدات فعالة، مثل تركيب إضاءة LED الذكية أو العزل، لتقليل الاستهلاك وتوفير تكاليف الطاقة. إدارة الطاقة برامج تستخدم برامج التتبع لمراقبة استهلاك الطاقة والتنبؤ باستخدام الطاقة في المستقبل.
التصنيع الرشيق هو أسلوب إنتاجي يركّز في الكفاءة وتقليل الهدر. ويُمكن للتقنيات الخضراء، وهي التقنيات التي تقلل من تأثير الصناعة في البيئة، أن تدعم التصنيع الرشيق. على سبيل المثال، تجهيز المصانع الذكية بأجهزة استشعار لجمع البيانات وبرامج تحليل البيانات التي يمكن أن توفر رؤى أساسية عن منع أعطال المعدات وإدارة المخزون والطرق العامة لتبسيط الإنتاج.
للحد من البصمة الكربونية كثيرًا، يُمكن للشركات إنتاج منتجات مستدامة باستخدام موارد صديقة للبيئة، مثل المواد الخام غير السامة أو النباتية. كما يُمثل التغليف فرصة لاستخدام مواد من مصادر مسؤولة، مثل الورق المعاد تدويره أو المعاد استخدامه بدلًا من عجينة الورق المصنوعة من رقائق الخشب البكر.
يُمكن للمصنّعين أيضًا تقليل النفايات من خلال تصميم المنتجات من أجل إعادة استخدامها أو إعادة تدويرها أو تحويلها إلى سماد في نهاية دورة الحياة. ويُقلل هذا النهج من التكلفة والانبعاثات في أثناء التخلص من النفايات ويُبقي الموارد القابلة للاستخدام خارج مطمر النفايات.
إدارة سلسلة التوريد هي جانب آخر من جوانب التصنيع الأخضر. وتتيح زيادة الشفافية على طول سلسلة التوريد في المؤسسة إمكانية الحصول على مواد وعناصر أكثر استدامة، وذلك لتحسين الاستدامة بدءًا من التصميم إلى التسليم. كما أن سلسلة التوريد الأكثر وضوحًا لها مزايا تجارية أيضًا، حيث تعمل على تحسين الموثوقية وتقليل أوقات التسليم مع إنشاء تنبؤات أفضل في الوقت الفعلي، مما يؤدي إلى إدارة المخزون على نحوٍ أفضل.
نظرًا إلى أن الصناعات التحويلية هي صناعات ثقيلة، فإنها غالبًا ما تأتي على حساب المناطق الطبيعية المحيطة بها. وتلتزم شركات التصنيع الأخضر بحماية البيئة الطبيعية من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية والحياة البرية والتنوع البيولوجي. وتُعد إدارة الأراضي أيضًا أحد الأمور التي تؤخذ في الحسبان عند الحفاظ على النظام البنائي المحلي، وخصوصًا التربة والسلامة.
في حين أن تحويل الصناعات إلى "التصنيع الأخضر" مهم للجهود البيئية والحد من آثار الاحتباس الحراري، فإن هناك أيضًا دراسة جدوى للاستدامة. ويُمكن لعمليات التصنيع الأخضر أن تساعد المؤسسات في إدارة عمليات أكثر إنتاجية، وتحسين صافي الأرباح وزيادة القدرة التنافسية بشكل عام. تتضمن الميزات الأخرى ما يأتي:
تشهد الشركات التي تطبق ممارسات التصنيع الصديقة للبيئة ميزة تنافسية من خلال توفير التكاليف. تنبع الوفورات من انخفاض فاتورة مرفق الخدمات من خلال تقليل استهلاك الطاقة وتحسين الكفاءة التشغيلية. إضافة إلى ذلك، فإن طرق التصنيع الأخضر تنتج نفايات أقل، مما يوفر على الشركات أموالًا طائلة من المواد الخام والتخلص من النفايات.
يُمكن لممارسات أعمال التصنيع الأخضر أن تساعد الشركات في تلبية أهداف الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) أو المعايير البيئية المحلية. وتُعد المصانع المستدامة في وضع أفضل للامتثال للوائح الصناعية.
أصبح المستهلكون وأطراف الشركة المعنية اليوم أكثر وعيًا بالاستدامة وإدراكًا لتأثير الصناعات الثقيلة في البيئة. إذ تؤدي الجهود المبذولة لحماية الكوكب إلى زيادة ثقة الجمهور، وتحسين العلاقات العامة للشركة، ويمكن أن تساعد في توظيف الموظفين.
تعني الزيادة في عدد المستهلكين المهتمين بالاستدامة أن المعايير البيئية غالبًا ما تكون عاملًا في قرارات الشراء. ويُمكن أن يساعد التصنيع الأخضر الشركة في الوصول إلى قاعدة عملاء جديدة واعية بالبيئة تبحث عن منتجات أو سلع صديقة للبيئة مصنوعة من مواد مستدامة.
إن تصنيع منتجات أكثر أمانًا للمستهلكين، مثل استخدام مواد غير سامة أو منتجات التنظيف الخضراء، يوفر بيئة أكثر أمانًا للموظفين المسؤولين عن تصنيعها. على سبيل المثال، استبدال مادة اصطناعية بمادة طبيعية يقلل من تعرض الموظفين للمواد الخطرة والمنتجات الثانوية الناتجة عن الإنتاج.
تتبنى العديد من المؤسسات عمليات التصنيع الأخضر، ومن هذه المؤسسات:
طبّق مكتب إدارة الأراضي (BLM) التابع لوزارة الداخلية الأمريكية تقنية جديدة لإدخال تحسينات على كفاءة الطاقة في مواقع مكتب إدارة الأراضي في المناطق الريفية. ومن خلال مبادرة الأداء لتوفير الطاقة، غطى الاستثمار البالغ 3.6 ملايين دولار أمريكي منشآت صغيرة الحجم في ست ولايات أمريكية غربية. وإضافة إلى وفورات الطاقة، أسهم المشروع في خفض انبعاثات الكربون بما يقرب من 4 ملايين رطل سنويًا.2
يساعد حل DELMIA Apriso، الذي صممته شركة Dassault Systèmes، وهي شركة برمجيات فرنسية، الشركات المصنعة في تحويل خطوط إنتاجها العالمية من خلال نمذجة أرضية المصنع افتراضيًا. ومن خلال تحسين عمليات التصنيع، يمكِّن هذا الحل من توفير الكربون عن طريق تقليل استهلاك الطاقة ونفايات الخردة.3
تستخدم شركة Thai Beverage Can (TBC) المحدودة العديد من ممارسات التصنيع الأخضر في جميع مراحل عملية الإنتاج، مثل المصادر المستدامة وتقليل استخدام الطاقة. تحصل شركة TBC على الألومنيوم المستخدم في تصنيع علبها من مزوّدين معتمدين كمزودين يلبّون معايير الاستدامة الخاصة بالجهات الخارجية. كما حسّنت الشركة آلاتها لتقليل استخدام الكهرباء والغاز الطبيعي في عملية التعليب بنسبة 15%.4
1 "تقليل البصمة الكربونية للصناعات التحويلية من خلال مشاركة البيانات"، المنتدى الاقتصادي العالمي، 23 مارس 2022.
2 "مكتب إدارة الأراضي: برنامج ESPC ناجح عبر ست ولايات"، البرنامج الفيدرالي لإدارة الطاقة، يوليو 2011. (PDF)
3 "دراسة حالة EGDC: Dassault 3DS DELMIA"، التحالف الرقمي الأخضر الأوروبي، أبريل 2024. (PDF)
4 "إدارة المنتجات"، شركة Thai Beverage Can Limited، تم الوصول إليها في: 26 يونيو 2024.