الذكاء الاصطناعي للمستندات، المعروف أيضًا باسم ذكاء المستندات، يستخدم تقنيات التعلم الآلي لتحليل المستندات وتفسيرها واستخراج المعلومات منها بطريقة تحاكي التقييمات البشرية. تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي للمستندات (Doc AI) معالجة اللغة الطبيعية (NLP) لتجاوز استخراج البيانات وتوفير فهم أعمق للمحتوى والبنية والسياق داخل المستندات.
تتعامل تقنية الذكاء الاصطناعي للمستندات مع البيانات المنظمة مثل جداول البيانات والبيانات غير المنظمة مثل البريد الإلكتروني والعقود والمستندات شبه المنظمة مثل النماذج والفواتير والتقارير المالية. تحتوي مثل هذه المستندات على معلومات قيّمة، ولكن غالبًا ما تتطلب تنسيقاتها تقنيات متقدمة للتعلم الآلي لاستخراجها بكفاءة.
عندما يستخرج البشر المعلومات يدويًا من كميات كبيرة من المستندات، تكون العملية مستهلكة للوقت وغالبًا ما تؤدي إلى أخطاء. وعلى النقيض من ذلك، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي للمستندات "تقرأ المستندات" بطريقة مشابهة للبشر ولديها فهم سياقي للمادة. لذا، يمكنها تفسير المعاني والعلاقات بالطريقة نفسها التي يفسرها بها البشر، ولكن بسرعة أكبر وعلى نطاق أوسع ودون أخطاء بشرية.
يُحاكي الذكاء الاصطناعي للمستندات القراءة البشرية باستخدام مجموعة من التقنيات لاستيعاب العديد من أنواع المستندات ومعالجتها وتفسيرها بمستوى عالٍ من الفهم.
في صميم الذكاء الاصطناعي للمستندات، تعمل تقنية التعرُّف البصري على الأحرف (OCR) على تحويل النصوص الممسوحة ضوئيًا أو المكتوبة بخط اليد إلى نصوص قابلة للقراءة آليًا. وتُتيح هذه العملية للذكاء الاصطناعي للمستندات "قراءة" مختلف التنسيقات، بما في ذلك ملفات PDF والمستندات المخصصة والصور والنماذج، سواء أكان النص مكتوبًا إلكترونيًا أم يدويًا. بمجرد رقمنة النص، يصبح قابلًا للبحث والتحرير، ما يجعل المستند أكثر سهولة للوصول إليه واستخدامه في التحليل أو في مختلف عمليات الأعمال.
تقتصر تقنية OCR على التعرُّف على الرموز فقط ولا تفسِّر المعنى وراء النص. وهنا يأتي دور تقنية معالجة اللغة الطبيعية (NLP) كعنصر أساسي. تمكِّن تقنية NLP الذكاء الاصطناعي للمستندات من تفسير المعنى والسياق داخل النص، تمامًا مثل القارئ البشري. ومن خلال تطبيق النماذج اللغوية، يمكن للذكاء الاصطناعي للمستندات تحديد العلاقات بين الأجزاء المختلفة من المستند للتعرُّف على الأسماء والتواريخ والعناوين، حتى دون تصنيفات صريحة.
تعمل نماذج التعلم الآلي، وخاصةً التعلم العميق، على تحسين دقة الذكاء الاصطناعي للمستندات. يتم تدريب هذه النماذج على مجموعات بيانات ضخمة، باستخدام تقنيات علم البيانات التي تُتيح لها التعرُّف على الأنماط المعقدة داخل المستندات. على غرار الطريقة التي يعالج بها الدماغ البشري المعلومات، تعمل الشبكات العصبية في الذكاء الاصطناعي على تحليل تخطيطات وخطوط ولغات المستندات، والتكيف باستمرار مع التنسيقات المختلفة. تسمح هذه المرونة للذكاء الاصطناعي للمستندات بالتعامل مع سيناريوهات متعددة في العالم الحقيقي، بدءًا من الفواتير البسيطة إلى العقود القانونية المعقدة وتحسين قدراته من خلال التعلم المستمر.
تؤدي البيانات الوصفية أيضًا دورًا رئيسيًا من خلال توفير معلومات إضافية، غالبًا ما تكون مخفية، حول المستند. تتضمن البيانات الوصفية تفاصيل مثل تاريخ إنشاء المستند والمؤلف وتنسيق الملف والكلمات الرئيسية التي تَصِف محتواه بشكل أكبر. وباستخدام البيانات الوصفية، يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات على تنظيم المستندات وإدارتها واسترجاعها بشكل أفضل، ما يؤدي إلى تحسين كفاءة سير العمل.
تُعَد واجهات برمجة التطبيقات (APIs) ضرورية لربط نماذج الذكاء الاصطناعي للمستندات بأنظمة أخرى. تعمل واجهات برمجة تطبيقات الذكاء الاصطناعي للمستندات على تسهيل التكامل السلس مع المنصات المؤسسية، وأتمتة مهام سير العمل المتعلقة بالمستندات والمساعدة على استخراج البيانات وتحليلها في الوقت الفعلي. وتساعد واجهات برمجة التطبيقات هذه على توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي للمستندات، ما يجعله قابلًا للتكيف مع مجموعة واسعة من مهام الأعمال، إلى جانب التكامل مع البنى التحتية الأوسع لتكنولوجيا المعلومات.
تستخدم منصات الذكاء الاصطناعي للمستندات أيضًا المعالِجات كوسطاء بين ملفات المستندات ونماذج التعلم الآلي. هذه المعالجات مسؤولة عن إجراءات محددة مثل تصنيف المستندات وتقسيمها وتحليلها، ما يساعد على ضمان معالجة النظام لكل مستند وفهمه بشكل صحيح.
يعمل المحلِّل على تحليل هيكل البيانات وتفسيره. فهو يقسِّم المستندات إلى عناصرها الأساسية، ويفهم العلاقات بين هذه العناصر، ويحوِّل البيانات غير المنظمة أو شبه المنظمة إلى تنسيقات يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي معالجتها.
بالإضافة إلى فهم النص، يمكن للذكاء الاصطناعي للمستندات تحليل هيكل المستندات وتخطيطها. فهو يتعرّف على عناصر مثل العناوين والفقرات والجداول والقوائم، ما يساعد الذكاء الاصطناعي على فهم التسلسل الهرمي للمستند وسياقه. يفيد هذا التحليل المنظم في تحديد أزواج المفتاح والقيمة، كما هو الحال داخل الفواتير حيث يستخرج الذكاء الاصطناعي للمستندات المبالغ المستحقة وتواريخ الدفع لتقليل الحاجة إلى الإدخال اليدوي.
تأتي معظم النماذج القياسية للذكاء الاصطناعي للمستندات مدرّبة مسبقًا على أنواع عديدة من المستندات، لكن المؤسسات غالبًا ما تستخدم مستندات متخصصة ذات تنسيقات أو مصطلحات أو تخطيطات فريدة تخص مجالها. يُتيح الضبط الدقيق لنماذج الذكاء الاصطناعي للمستندات تكييفها لتلبية احتياجات محددة. على سبيل المثال، قد تقوم شركة قانونية بضبط نموذج بدقة لفهم المصطلحات القانونية وبنود العقود وخصوصيات التنسيقات، ما يجعل الذكاء الاصطناعي أكثر دقة.
تتجاوز أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة للمستندات مجرد استخراج البيانات لتقديم ملخصات للمستندات الطويلة. فمن خلال تسليط الضوء على النقاط الأساسية في المستند، تُتيح هذه الأنظمة للمستخدمين فهم المعلومات الأساسية بسرعة دون الحاجة إلى قراءة المستند بالكامل.
غالبًا ما يتم دمج الذكاء الاصطناعي للمستندات مع أنظمة التخزين السحابي وأنظمة المؤسسات لتسهيل إدارة وتحليل المستندات عبر المنظمة، مع منح المستخدمين المناسبين الوصول إلى المستندات والمعلومات عند الحاجة.
تعتمد حلول الذكاء الاصطناعي التقليدية للمستندات على تقنية OCR والأنظمة القائمة على القواعد ونماذج التعلم الآلي لاستخراج البيانات وتصنيفها ومعالجتها. لا يستخدم العديد من منصات الذكاء الاصطناعي للمستندات الذكاء الاصطناعي التوليدي أو النماذج اللغوية الكبيرة بشكل أساسي، خاصةً عندما تركِّز المهام على استخراج البيانات البسيط وتصنيفها من المستندات.
ومع ذلك، أثبت الذكاء الاصطناعي التوليدي فاعليته في تعزيز الذكاء الاصطناعي للمستندات. فعند دمجه مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكن توجيه نظام الذكاء الاصطناعي للمستندات لصياغة مستندات جديدة بناءً على قوالب البيانات المستخرجة. على سبيل المثال، في معالجة مطالبات التأمين، بعد استخراج البيانات من نماذج المطالبات، يمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المدمج ضمن منصة الذكاء الاصطناعي للمستندات مساعدة الوكيل على صياغة متابعة، أو تقرير عن المطالبة، أو تقديم توصيات بناءً على البيانات المستخرجة.
بينما يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التقليدية للمستندات استخراج البيانات بسلاسة في معظم الحالات، فإنها قد تواجه صعوبةً عند التعامل مع اللغة الغامضة، أو إجراء الاستدلال متعدد الخطوات، أو التعرُّف على الأحرف في الصور منخفضة الجودة والمليئة بالضوضاء. تساعد النماذج التوليدية على سد هذه الفجوات من خلال تصحيح الأخطاء، وتوفير تفسير سياقي أعمق وتعزيز قدرة النظام على التعامل مع المستندات القانونية أو الطبية أو الفنية التي تتطلب فهمًا دقيقًا.
يُعَد IBM Automation Document Processing حلًا منخفض الكود يستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق لتصنيف المستندات واستخراج المعلومات منها سواء أكانت منظمة أم غير منظمة. تتيح واجهته منخفضة الكود للمستخدمين أتمتة سير العمل المرتبط بالمستندات بجهد برمجي محدود، ما يعزز الإنتاجية والكفاءة.
تُعَد Google Cloud Document AI منصة مؤسسية توفِّر مجموعة شاملة من الأدوات لأتمتة معالجة المستندات. وتستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لاستخراج البيانات وتصنيف المستندات دون الحاجة إلى أي تدريب مسبق للنماذج، ما يجعلها مناسبة للتنفيذ السريع والنشر الفوري. يمكن للمستخدمين إدارة نماذج الذكاء الاصطناعي ومراقبتها من خلال Google Cloud Console، التي توفِّر واجهة سهلة الاستخدام.
يُعَد BigQuery من Google Cloud مستودع بيانات مُدارًا بالكامل، خاليًا من الخوادم وقابلًا للتوسع. يدعم التحليل السريع لمجموعات البيانات الكبيرة باستخدام لغة الاستعلام الهيكلية (SQL). يُعَد BigQuery مناسبًا جدًا للتعامل مع البيانات الكبيرة، حيث تواجه قواعد البيانات التقليدية صعوبةً في معالجة مجموعات البيانات الكبيرة بكفاءة.
تُعَد Vertex AI منصة موحَّدة مصممة لتبسيط دورة حياة التعلم الآلي بالكامل، بدءًا من إعداد البيانات ووصولًا إلى نشر النماذج ومراقبتها. من خلال تقديم أدوات لتطوير AutoML وتطوير النماذج المخصصة، تُتيح Vertex AI للمستخدمين بمختلف مستويات خبرتهم، من المبتدئين إلى علماء البيانات ذوي الخبرة، استخدام المنصة لبناء نماذج التعلم الآلي ونشرها، ما يجعلها حلًا متعدد الاستخدامات.
يوفر الذكاء الاصطناعي للمستندات مجموعة كبيرة من الفوائد في حالات الاستخدام في الصناعات من خلال أتمتة إدخال البيانات وتعزيز عمليات الأعمال. تُعَد قدرة الذكاء الاصطناعي للمستندات على استخراج البيانات من مستندات متنوعة مفيدة في غرف البريد وأرصفة الشحن ومعالجة الرهون العقارية والمشتريات، حيث تتطلب الكميات الكبيرة من المستندات إدارة فعَّالة.
في قطاع التأمين، يساعد الذكاء الاصطناعي للمستندات على معالجة المطالبات وطلبات بوليصة التأمين من خلال استخراج البيانات المهمة وتقليل أوقات المعالجة وتحسين الكفاءة التشغيلية.
في مجال النشر، يمكن للذكاء الاصطناعي للمستندات رقمنة المنشورات الورقية وتحويلها إلى تنسيقات متوافقة مع أجهزة القراءة الإلكترونية، ما يجعل الوصول إلى المحتوى والبحث فيه وإدارته أكثر سهولة.
في قطاع الرعاية الصحية، يسهل الذكاء الاصطناعي للمستندات معالجة استمارات الدخول الطبية في عيادات الأطباء، ما يقلل من عبء العمل الإداري ويساعد على ضمان دقة بيانات المرضى. في التجارب السريرية، يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات على تحسين الرقابة من خلال استخراج البيانات بدقة من مستندات التجارب، وضمان الامتثال التنظيمي وتسريع عملية إعداد التقارير.
في المالية والمحاسبة، يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات على تحليل الإيصالات والفواتير بكفاءة، ما يجعل من السهل التحقق من تقارير النفقات وتوفير الوقت وتحسين الدقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكنه تحليل بطاقات الهوية والمستندات الرسمية الأخرى للمساعدة على مصادقة الهوية، وتأكيد التحقق الآمن. يمكن للذكاء الاصطناعي استخراج تفاصيل الدخل من النماذج الضريبية، ما يجعل من السهل تنفيذ عمليات الموافقة على القروض والتقييم المالي. في مجال المحاسبة، يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات على أتمتة معالجة الفواتير وتحسين الدقة وتسريع سير العمل من أجل إدارة مالية أكثر كفاءة.
يمكن للتقنية أيضًا تحليل المستندات المالية للكشف عن العملات المزيفة والشيكات المزورة، ما يعزز الإجراءات الأمنية داخل المؤسسات المالية. يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات على تحسين الكفاءة التشغيلية من خلال استخراج البيانات الأساسية من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية القصيرة للعملاء، ما يؤدي إلى تسريع أوقات الاستجابة. كما يعمل على تعزيز الكشف عن الاحتيال من خلال أتمتة تحليل المستندات، ما يسمح للمؤسسات بتحديد الأنشطة المشبوهة بسرعة.
فيما يتعلق بالمستندات القانونية والتجارية، يساعد الذكاء الاصطناعي للمستندات الشركات على تحليل العقود، وتحديد الشروط والبنود الرئيسية، وتسريع عملية المراجعة، وضمان الالتزام بالاتفاقيات. يمكنه أيضًا اكتشاف أي مخالفات في الفواتير، والإشارة إلى الأخطاء أو حالات الاحتيال المحتملة. يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات أيضًا على أتمتة مراجعة المستندات القانونية، ما يقلل الوقت والجهد اللازمين لتقييم العقود والاتفاقيات، مع تحسين الدقة وقابلية التوسع.
في مجالات الامتثال والتنظيم، يساعد الذكاء الاصطناعي للمستندات على أتمتة تقييم التغييرات التنظيمية وتأثيرها في العقود، ما يُسهم في تبسيط إدارة الامتثال.
في قطاع الرهن العقاري، يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات على تسريع سير العمل من خلال استخراج المعلومات الأساسية من طلبات القروض ومعالجتها بسرعة. كما يعمل على أتمتة مراقبة محافظ القروض، ما يساعد على إدارة أكثر كفاءة لمخاطر الائتمان والتعرُّف في الوقت المناسب على المشكلات المحتملة. في قطاع العقارات، يعمل الذكاء الاصطناعي للمستندات على توحيد تصنيف المستندات وأتمتة استخراج المعلومات الأساسية من العقود وعقود الإيجار والمستندات ذات الصلة الأخرى.
ومن المزايا الرئيسية الأخرى قدرته على استخراج البيانات القيّمة من صوامع المستندات، ما يُتيح الوصول إلى معلومات كانت غير متاحة سابقًا ويدعم اتخاذ قرارات أعمال أكثر وعيًا. بالنسبة إلى المؤسسات التي تعمل على المستوى العالمي، يسهِّل الذكاء الاصطناعي للمستندات معالجة الإيصالات عبر مختلف الدول، ما يقلل التعقيدات المرتبطة بالمعاملات الدولية. تعمل هذه التقنية أيضًا على تحويل مستندات PDF الثابتة إلى مهام سير عمل قابلة للتنفيذ عبر أتمتة مهام مثل تحديد المواعيد النهائية، وإدارة الموافقات، وتوزيع المسؤوليات.
يمكنك بسهولة تصميم مساعدي ووكلاء الذكاء الاصطناعي القابلين للتوسع وأتمتة المهام المتكررة وتبسيط العمليات المعقدة باستخدام IBM watsonx Orchestrate.
تسريع قيمة الأعمال باستخدام مجموعة قوية ومرنة من مكتبات وخدمات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
أعدّ ابتكار عمليات ومهام سير العمل الحساسة بإضافة الذكاء الاصطناعي لتعزيز التجارب وصنع القرارات في الوقت الفعلي والقيمة التجارية.