على مر التاريخ، كان الابتكار والحاجة هما المحرك الأساسي لعمليات التحول في مجال الطاقة. على سبيل المثال، أدت حركة التصنيع إلى التحول في استخدام الطاقة من حرق الخشب إلى حرق الفحم، بينما أدى اختراع محرك الاحتراق الداخلي وإنتاج السيارات التي تعمل بالبنزين إلى اعتماد العالم بشكل كبير على النفط.

في سبعينيات القرن الماضي، أدت أزمة النفط وارتفاع أسعار الطاقة بشكل حاد إلى زيادة الاهتمام بالطاقة المتجددة: وهي الطاقة التي تأتي من مصادر تتجدد بشكل أسرع من استهلاكها. وفي وقت لاحق، أدى تزايد الوعي بتغير المناخ وأسبابه البشرية — أي غازات الاحتباس الحراري (GHG) الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري — إلى تسريع الجهود الرامية إلى تبنّي حلول الطاقة المتجددة وتحويل قطاع الطاقة.

تنتج معظم عمليات توليد الطاقة المتجددة كميات قليلة جدًا أو معدومة من الانبعاثات الكربونية وغازات الاحتباس الحراري الأخرى، ولهذا السبب يشار إليها غالبًا بالطاقة الخضراء أو الطاقة المستدامة. ويمكن أن يساهم استبدال الطاقة المعتمدة على الوقود الأحفوري بهذه الطاقة الخضراء في إزالة الكربون على مستوى العالم.

يُعدّ خفض الانبعاثات ضروريًا لتحقيق أهداف خارطة الطريق التي وضعها صناع السياسات العالميون: في عام 2015، حدد اتفاق باريس بشأن تغير المناخ هدفًا يتمثل في منع ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية إلى 2 درجة مئوية (35.6 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية ووضع حدود الانبعاثات للدول في جميع أنحاء العالم. ووفقًا للأمم المتحدة، يتطلب منع ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى هذا المستوى الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

على الرغم من أن تخفيض الانبعاثات والتخفيف من آثار تغير المناخ هما الدافعان الرئيسيان للتحول الحالي في مجال الطاقة، إلا إن التحول إلى الطاقة المتجددة يقدم مجموعة من الفوائد الأخرى.

تساهم مصادر الطاقة المتجددة في تنويع أسواق الطاقة وتعزيز أمن الطاقة للدول في الأوقات التي تؤدي فيها الصراعات الجيوسياسية وانقطاعات سلسلة التوريد إلى تقليل الوصول إلى مصادر الطاقة المستمدة من الوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم. غالبًا ما يؤدي استخدام تقنيات الطاقة المتجددة والتحول الكهربائي إلى زيادة كفاءة الطاقة وانخفاض احتياجات الصيانة، مما يساعد على تقليل تكاليف الطاقة والصيانة. كما أظهرت الأبحاث أن مشاريع الطاقة المتجددة يمكن أن تحفز النمو الاقتصادي، وتوفر فرص العمل، وتخفف من حدة فقر الطاقة، وتضع الدول النامية على مسار نحو مستقبل أنظف، مما يسهل ما يُعرف بالانتقال العادل.

ومع ذلك، تواجه جهود التحول في مجال الطاقة العديد من التحديات. وتشمل هذه التحديات الطبيعة المتذبذبة لإنتاج الطاقة المتجددة، والتكاليف الأولية العالية لبناء وتركيب معدات ومحطات الطاقة المتجددة، ونقص القدرة الاستيعابية للشبكة والبنية التحتية اللازمة للتحول الكهربائي.

أطلقت الحكومات من أوروبا إلى آسيا مبادرات سياسية في السنوات الأخيرة لتشجيع اعتماد الطاقة المتجددة بالتزامن مع إجراءات المناخ الأخرى. وتساعد هذه المبادرات على تحمّل تكاليف التحول إلى الطاقة المتجددة وتعزيز البنية التحتية اللازمة لدعمه.

• وضع توجيه الاتحاد الأوروبي بشأن الطاقة المتجددة هدفًا بأن يكون 42.5% على الأقل من استهلاك الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي من مصادر متجددة بحلول عام 2030. ويحث التوجيه الدول الأعضاء على تقديم حوافز لتبني الطاقة المتجددة.

• في الولايات المتحدة، يوفر قانون الحد من التضخم حوافز تقلل من تكاليف الطاقة المتجددة للشركات والمؤسسات غير الربحية ومؤسسات الحكومات المحلية، بينما يخصص قانون البنية التحتية من الحزبين تمويلاً لتحسين مرونة وموثوقية شبكات الطاقة.

• وفي أفريقيا، يجري تنفيذ العديد من مبادرات تطوير الطاقة المتجددة من خلال شراكات بين الحكومات الأفريقية والمستثمرين من القطاع الخاص والمؤسسات مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA). ففي يونيو 2024، أعلن صندوق أفريقيا 50 أنه سيعمل مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لاستثمار ما يصل إلى 100 مليون دولار أمريكي في مشاريع التحول في مجال الطاقة في القارة.

• تحرز كل من الصين والهند تقدمًا في تحقيق ما وصفته الوكالة الدولية للطاقة بالأهداف "الطموحة" في مجال الطاقة المتجددة. ففي عام 2023، أضافت الصين 216 جيجاوات من الطاقة الشمسية — محققة رقمًا قياسيًا جديدًا — في حين تخطط حكومة الهند لتوليد 500 جيجاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.