إن عزل الكربون عبارة عن عملية احتجاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي (CO2) وتخزينه، وهو أحد غازات الاحتباس الحراري التي تساهم في الاحتباس الحراري.
ويحدث عزل الكربون بشكل طبيعي من خلال العمليات البيولوجية والجيولوجية وباستخدام التقنيات التي صممها الإنسان. تساعد كلتا الطريقتين في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ويمكن أن تساعد في التخفيف من آثار تغير المناخ. وبالتالي، فمن المرجح أن يتزايد الاهتمام بعزل الكربون مع سعي الدول إلى تحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية وسعي الشركات إلى ممارسات أكثر استدامة.
النشرة الإخبارية الخاصة بالمجال
ابقَ على اطلاع دومًا بأهم—اتجاهات المجال وأكثرها إثارة للفضول—بشأن الذكاء الاصطناعي والأتمتة والبيانات وغيرها الكثير مع نشرة Think الإخبارية. راجع بيان الخصوصية لشركة IBM.
سيتم تسليم اشتراكك باللغة الإنجليزية. ستجد رابط إلغاء الاشتراك في كل رسالة إخبارية. يمكنك إدارة اشتراكاتك أو إلغاء اشتراكك هنا. راجع بيان خصوصية IBM لمزيد من المعلومات.
ويشهد الغلاف الجوي للأرض مستويات غير مسبوقة من تركيزات ثاني أكسيد الكربون كانبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات. وتحبس هذه الزيادة في ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الملوثات الحرارة، ما يؤدي إلى الاحتباس الحراري وعواقبه، بما في ذلك ارتفاع منسوب مياه البحر، والظواهر الجوية المتطرفة واضطراب النظام البنائي.
ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يجب اتخاذ خطوات فورية للحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية (34.7 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.1 ويمكن أن يؤدي عزل الكربون دورًا حاسمًا في تحقيق هذا الهدف. يؤدي احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه مباشرة إلى تقليل وجوده في الغلاف الجوي، ما يبطئ من معدل الاحتباس الحراري العالمي ويقلل من شدة وتواتر الأحداث المرتبطة بتغير المناخ.
وعلاوة على التخفيف من آثار تغير المناخ، يوفر عزل الكربون فوائد أخرى. وتؤدي عمليات عزل الكربون الطبيعية، مثل التمثيل الضوئي، دورًا حيويًّا في الحفاظ على صحة النظم البنائية. كما يمكن لجهود العزل أن تحسن صحة التربة وتعزز الإنتاجية الزراعية وتحمي التنوع البيولوجي من خلال تحسين نمو بالوعات الكربون (مثل الغابات والمستنقعات والأراضي الرطبة).
تنقسم طرق عزل الكربون بشكل عام إلى الفئات الأربع التالية:
في العزل البيولوجي للكربون، تقوم العمليات الطبيعية باحتجاز الكربون وتخزينه في الأنظمة البيئية. فعلى سبيل المثال، من خلال عملية البناء الضوئي، تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحوله إلى مادة عضوية. تعمل بعض المساحات الطبيعية، كالغابات والأراضي العشبية والرطبة، كمصارف كبيرة للكربون حيث يمكنها تخزين كميات كبيرة منه لفترات طويلة. ويمكن للتربة أن تعزل الكربون بشكل طبيعي، لكن هذه القدرة تضعف عندما تؤدي الممارسات الزراعية إلى اضطرابها وتحويلها، ما يؤدي إلى إطلاق الكربون العضوي المحتجز.
تساعد العديد من ممارسات إدارة الأراضي في عزل الكربون البيولوجي. ويؤدي التشجير وإعادة تشجير الغابات إلى زيادة قدرة تخزين الكربون بشكل كبير. كما تساعد الزراعة المستدامة في عزل الكربون؛ كالزراعة المخفضة أو الزراعة بدون حرث، التي تقلل من الإخلال بكربون التربة لأدنى حد، أو الزراعة الحراجية التي تدمج الأشجار والشجيرات إلى جانب المحاصيل والثروة الحيوانية. وتعمل استعادة الأراضي الرطبة المتدهورة، مثل المستنقعات وأشجار المانغروف، على تحسين تخزين الكربون في الرواسب والكتلة الحيوية. إلا إن هذه الأنظمة البيئية ينبعث منها غاز الميثان أيضًا.
يتضمن عزل الكربون في المحيطات تخزين ثاني أكسيد الكربون في المحيطات. حيث تمتص المحيطات بشكل طبيعي حوالي ربع ثاني أكسيد الكربون الذي ينتجه البشر.
وتوجد استراتيجيتان رئيسيتان للمساعدة في عزل الكربون في المحيطات:
في طريق عزل الكربون الجيولوجي، يتم احتجاز ثاني أكسيد الكربون وحقنه في تكوينات صخرية مسامية عميقة تحت الأرض لتخزينه على المدى الطويل؛ تصل لآلاف السنين. يُضغط ثاني أكسيد الكربون ويُنقل عبر أنابيب ويُخزن في مواقع مثل مستودعات النفط والغاز الطبيعي الناضبة أو فتحات الطبقات الفحمية غير الصالحة للاستخدام أو في طبقات المياه الجوفية المالحة العميقة. ولأنه يتم حقنه على أعماق لا تقل عن 800 متر، تضمن ظروف الضغط ودرجة الحرارة المرتفعة التخزين الفعّال في الفراغات المسامية الطبيعية للتكوينات الجيولوجية.
عزل الكربون التقني عبارة عن مجموعة من الأساليب التي صممها الإنسان لحجز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه من مصادر كبيرة أو مباشرة من الغلاف الجوي. وتستهدف هذه التقنيات إزالة انبعاثات الكربون من دورة الكربون ومنع إطلاقها في الغلاف الجوي.
ويعد أفضل أسلوب تقني معروف لعزل الكربون هو احتجاز الكربون وتخزينه (CCS). ويشمل ذلك احتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من مصادر انبعاثه الرئيسية، مثل محطات الطاقة والمصانع والمنشآت الصناعية. ويُضغط ثاني أكسيد الكربون المحتجز ويُنقل (عادةً عبر خطوط الأنابيب) إلى مواقع تخزين جيولوجية مناسبة. ويعد عزل الكربون الجيولوجي جزءًا من هذه العملية، ولكن احتجاز الكربون وتخزينه هو مصطلح أوسع نطاقًا يشمل عملية احتجاز الكربون ونقله وتخزينه بالكامل.
وهناك أساليب تكنولوجية أخرى تشمل ما يلي:
ورغم أن مصطلح "تخزين الكربون" ومصطلح " عزل الكربون" يُستخدمان أحيانًا بالتبادل، إلا إن هناك اختلافات رئيسية بينهما.
يُعد تخزين الكربون هو الحالة الثابتة للكربون المحتفظ به داخل نظام ما، والمعروف باسم مجمّع الكربون أو الخزان. يشبه الأمر التقاط لقطة لمحتوى الكربون في نقطة زمنية محددة.
أما عزل الكربون فهو العملية النشطة لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ونقله إلى خزانات تخزين طويلة الأجل. وهو إجراء ديناميكي يزيل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
رغم أن عزل الكربون يوفر طريقة واعدة لتقليل كمية ثاني أكسيد الكربون التي تساهم في تغير المناخ، إلا إنه ينطوي أيضًا على العديد من التحديات والقيود:
تحتاج مشاريع العزل على نطاق واسع إلى تكاليف رأسمالية أولية عالية ونفقات تشغيلية مستمرة، وهو ما يجعلها مكلفة جدًا ويصعب تنفيذها وصيانتها.
ثمة مخاوف بشأن سلامة التخزين الجيولوجي وفعاليته على المدى الطويل، واحتمال حدوث تسرب.
توجد تأثيرات بيئية سلبية مرتبطة بالعزل، مثل تغيرات استخدام الأراضي وحموضة المحيطات وحرائق الغابات وغيرها من الاضطرابات في النظام البيئي.
ورغم هذه التحديات، من المتوقع أن تؤدي التطورات في التقنية والسياسات إلى جعل عزل الكربون أداة رئيسية في مكافحة تغير المناخ.
يُتوقع أن يؤدي عزل الكربون دورًا متزايد الأهمية في مكافحة تغير المناخ. وخلصت إحدى الدراسات إلى أن مختلف طرق احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه يمكن أن تعزل ما لا يقل عن 550 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، أي ما يعادل إزالة أكثر من مليار سيارة ركاب من الطرق.2
ويتزايد الطلب على إيجاد حلول فعّالة لعزل الكربون مع قيام الدول والشركات بوضع أهداف طموحة لخفض الانبعاثات. ومن المتوقع أن يؤدي البحث والتطوير الجاريين في مجالات مثل احتجاز الهواء المباشر (DAC) والطاقة الحيوية الناتجة عن احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه (BECCS) إلى توسيع نطاق وأثر عزل الكربون في السنوات القادمة. ويؤدي تحسين أحواض الكربون الطبيعية من خلال إعادة التشجير وتحسين إدارة الأراضي واستعادة الأراضي الرطبة إلى اكتساب قوة جذب.
كما تطبق الحكومات أيضًا آليات تسعير الكربون والإعفاءات الضريبية وغيرها من الحوافز لتشجيع الاستثمار في مشاريع عزل الكربون في الداخل ومن خلال الشراكات والتعاون الخارجي. فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، يحق للشركات التي تحتجز ثاني أكسيد الكربون وتخزنه في الولايات المتحدة التأهل للحصول على ائتمان ضريبي لكل طن متري من ثاني أكسيد الكربون المحتجز.3