تجربة رقمنة تخطيط البرنامج الزمني (PI)

يُعد تخطيط البرنامج الزمني (PI Planning) من الركائز الأساسية في منهجية الأسلوب الرشيق (Agile) المؤسسية. وعلى الرغم من أن إطار العمل المرن القابل للتوسّع (SAFe) هو من رسّخ هذا النهج في البداية ولا يزال يطوّر أفضل الممارسات المرتبطة به، فإن تخطيط البرنامج الزمني بات نشاطًا معتمدًا على نطاق واسع، حتى لدى المؤسسات التي لم تتبنَّ إطار SAFe بشكل كامل.

وبما يتماشى مع مبادئ الأسلوب الرشيق على مستوى الفرق، كان هذا النوع من التخطيط يرتكز في بداياته على التعاون الحضوري، باستخدام أدوات مادية مثل اللوحات والملاحظات اللاصقة. وقد سرّعت جائحة كوفيد-19 من التحوّل نحو التخطيط عن بُعد، ما مكّن القوى العاملة من مواصلة تطوير وتسليم المنتجات الرقمية. لكن فعالية هذه الفعاليات التخطيطية تأثرت بشكل ملحوظ، وكان التعاون بين الفرق من أبرز الجوانب التي تراجعت.

ومن المرجّح أن تواصل معظم المؤسسات العمل بنماذج مختلطة للقوى العاملة—عن بُعد، وهجينة، وحضورية. ورغم اعتماد مديري المحافظ وفرق المنتجات على أدوات مؤقتة لتسهيل أنشطة تخطيط البرنامج الزمني، فإن العودة الكاملة إلى التخطيط الحضوري تبقى غير مؤكدة.

لذلك، فإن توحيد الجهود لاختيار منصة مناسبة لرقمنة تجربة تخطيط البرنامج الزمني يمثل خطوة استراتيجية أساسية أمام قادة المؤسسات. حتى في الحالات التي يكون فيها التخطيط الحضوري ممكنًا، فإن المنصة الرقمية المناسبة تُعزز تجربة الفرق، وتُسهّل التنفيذ المرن، وتدعم ربط خطط البرنامج بالاستراتيجية المؤسسية الشاملة.

تتطلب برامج الأسلوب الرشيق (Agile) تبادلًا مكثفًا للمعلومات بين فرق متعددة، وهذا يعني أن التخطيط الفعّال للبرنامج الزمني يعتمد على توفر بيانات قابلة للمشاركة والوصول—وهو أمر يصعب تحقيقه عندما تستخدم الفرق أدوات وقواعد بيانات مختلفة. غالبًا ما تكون المعلومات محجوزة داخل أقسام أو أدوات معينة، مما يصعّب على فرق البرنامج الوصول إلى رؤى مشتركة وشاملة.

تُعد المنصة المثالية لتخطيط البرنامج الزمني عن بُعد مصدرًا موحدًا للحقيقة لجميع الفرق. ويجب أن تكون قادرة على جمع المعلومات الخاصة بكل فريق وعرضها، مع دمج هذه المعلومات في مشاهد تتماشى مع احتياجات البرنامج. يُتيح ذلك للفرق المختلفة، سواء كانت تعمل عن بُعد أو في موقع العمل، العمل على نفس الأساس من المعلومات خلال فعالية التخطيط، ومشاركة البيانات أثناء تَشَكُّل ملامح البرنامج.

ويُعد تطوير لوحة البرنامج، وهي من النتائج الأساسية لفعالية تخطيط البرنامج الزمني، مثالًا بارزًا على ذلك. تعتمد هذه اللوحات على مدخلات مثل قدرة الفرق وتوفرها، وقوائم الميزات، ولوحات الأفكار، والأولويات الاستراتيجية، وخرائط الطريق، لتصميم البرنامج بشكل مرئي. وتعرض هذه اللوحات التزامات الفرق بتسليم الميزات، والاعتماديات، والمراحل الرئيسية.

ومن هناك، تستفيد جلسات العمل المصغرة من مشاهد مخصصة لكل فريق من نفس مجموعة المعلومات لتخطيط وإدارة قصص المستخدم، والميزات، والاعتماديات عبر مختلف اللوحات والقوائم. كما تتيح هذه المنصة للفرق إمكانية نقل وفرز وتحرير العناصر بسرعة وكفاءة. 

ومن الأمثلة على ذلك القدرة على عرض المعلومات بطريقة مرئية باستخدام منصة رقمية. ويمكن أن تُسهم منصة رقمية لتخطيط البرنامج الزمني في تسريع جهود ما قبل البرنامج، من خلال تمكين الفرق من إدخال قدراتها المتوقعة بشكل استباقي للفترات الزمنية القادمة، وضبط أطر الوقت المخصصة لكل فترة، وغير ذلك الكثير.

لطالما كان PI نشاطًا تعاونيًا، وسيبقى كذلك دائمًا. ومع ذلك، لم تكن الفعاليات الحضورية للتخطيط بالقدر المطلوب من التعاون بسبب العزلة المعلوماتية بين الفرق. وعلى الرغم من أن "مصدرًا واحدًا للحقيقة" يشكل أساسًا للتعاون، إلا أن هناك فرصًا لتعزيزه من خلال تجربة رقمية.

فعلى سبيل المثال، ينبغي أن تعزز المنصة الرقمية المخصصة لتخطيط PI عن بُعد التواصل بين الفرق من خلال إضافة التعليقات إلى عناصر المعلومات مثل القصص المُستخدمة، والمهام، وسجل المهام. كما أن دعم التعليقات التي تتضمن الإشارة "@mention" يُعد وسيلة فعالة لتنبيه الفرق عبر أدوات التعاون الشائعة مثل تطبيقات المراسلة والبريد الإلكتروني وغيرها. تشكل أدوات التصويت بالثقة، والاستطلاعات، وجلسات المراجعة من العناصر الأساسية لتخطيط PI وتنفيذه، ويمكن تحسينها بشكل كبير عبر التجربة الرقمية المناسبة.

وباستخدام منصة رقمية لتخطيط PI عن بُعد، يمكن إدخال جميع المعلومات الناتجة عن نشاط التخطيط مباشرة في النظام، مما يتيح للفرق بدء التنفيذ فور انتهاء جلسة التخطيط. توفر العروض المخصصة لكل فريق استنادًا إلى مصدر واحد للمعلومات لوحات معلومات مخصصة للفريق، وتُحسب من خلالها مقاييس التدفق، وتُزوَّد الفرق بأفضل ممارسات عمليات التطوير لإدارة تنفيذ البرنامج. كما يوفر مصدر واحد للحقيقة أيضًا المرونة في تنفيذ البرنامج من خلال تمكين الفرق من التكيف بسرعة مع التغييرات.

ويختلف ذلك عن توثيق قرارات التخطيط على وسائط مادية، ثم إدخال البيانات يدويًا في مجموعات أدوات معزولة بعد انتهاء فعالية التخطيط. فهذه الأدوات المعزولة نفسها تُقيّد مرونة الفريق وقدرته على الاستجابة للتغييرات أثناء تنفيذ أنشطة البرنامج. يمكن معالجة هذه التحديات من خلال اعتماد المنصة المناسبة لتخطيط PI.

تاريخيًا، كان تركيز التخطيط في البرامج المرنة منصبًا على سعة الفرق المتاحة، والميزات والقصص المُستخدمة المدرجة ضمن الإصدار البرمجي القادم. وكانت الاعتبارات المالية تقتصر على تكاليف العمالة.

لكن مع توسّع المؤسسات في تطبيق الممارسات المرنة، أصبح تأثير التسليم المرن يمتد إلى إجمالي تكلفة ملكية المنتج (TCO)، والإنفاق المؤسسي العام، والإيرادات. فقد تؤثر الميزة الجديدة على الإيرادات، والاشتراكات، واستهلاك الخدمات السحابية، ورسوم الدعم والعقود، وتكاليف الوحدة، ومصروفات الأصول الرأسمالية المطلوبة، والتكاليف التشغيلية طويلة الأمد.

إدراج الرؤية المالية الشاملة ضمن نشاط تخطيط PI عن بُعد ليس من الأولويات المعتادة لدى فرق المنتج أثناء التخطيط. وبالتالي، نادرًا ما تتوفر هذه الإمكانية في معظم منصات المورّدين، رغم أن تضمينها يمكن أن يُحدث تأثيرًا ملموسًا في جودة الخطط المُخرجة والقيمة المُحققة. وبالنظر إلى المستقبل، ينبغي أن تمثل كل فرصة لإدراج البيانات المالية في التخطيط المرن أولوية قصوى للمؤسسات.

أما اليوم، فبات التحوّل الرقمي في أنشطة تخطيط البرنامج المرحلي ضرورة حتمية لمعظم المؤسسات، ولا سيما تلك التي تعمل بفرق موزعة. يمكن أن تسهم المنصة المناسبة في تسهيل وتحسين أنشطة تخطيط PI، سواء كانت محلية أو عن بُعد، وتعزيز العناصر التعاونية ضمن نشاط التخطيط.فمن خلال منصة رقمية مخصصة لتخطيط PI، يمكن كسر الصوامع وسدّ الفجوات المعرفية، وضمان بقاء جميع الفرق على توافق أثناء تنفيذ برنامج معقد.