بوجه عام، يشير تغيُّر المناخ إلى أي تغيُّر يحدث في أنماط الطقس على كوكب الأرض على المدى الطويل. في الوقت الحالي، يشير تغيُّر المناخ تحديدًا إلى الاحتباس الحراري، أي الزيادة الموثقة في درجة حرارة سطح الأرض منذ أواخر القرن التاسع عشر.
على الرغم من أن الأسباب الطبيعية مثل النشاط الشمسي أو البركاني قد تؤدي إلى تغيُّر المناخ، فإن الخبراء يعتبرون على نطاق واسع أن التغيُّرات المناخية العالمية من القرن العشرين وحتى اليوم ناتجةً عن النشاط البشري. بشكل أساسي، تتضمن هذه الأنشطة حرق الوقود الأحفوري، وهي عملية تُطلق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
تشمل آثار تغيُّر المناخ الأحداث الجوية المتطرفة مثل الجفاف وموجات الحر، وتغيُّر النظم البيئية، وتأثيراته في صحة الإنسان ورفاهيته. ولكن التخفيف من آثار تغيُّر المناخ أمر ممكن. إذ يمكن أن تؤثِّر الإجراءات المناخية وجهود الاستدامة، مثل خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير والتقدم في مجال الطاقة المتجددة والتقدم نحو أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs)، في مسارات المناخ المستقبلية.
النشرة الإخبارية الخاصة بالمجال
ابقَ على اطلاع دومًا بأهم—اتجاهات المجال وأكثرها إثارة للفضول—بشأن الذكاء الاصطناعي والأتمتة والبيانات وغيرها الكثير مع نشرة Think الإخبارية. راجع بيان الخصوصية لشركة IBM.
سيتم تسليم اشتراكك باللغة الإنجليزية. ستجد رابط إلغاء الاشتراك في كل رسالة إخبارية. يمكنك إدارة اشتراكاتك أو إلغاء اشتراكك هنا. راجع بيان خصوصية IBM لمزيد من المعلومات.
لطالما كان نظام المناخ الأرضي ديناميكيًا. على مدى الـ 800,000 سنة الماضية، شهدت الأرض، على سبيل المثال، ثمانية عصور جليدية، حيث غطت الصفائح الجليدية القطبية أجزاءً كبيرة من أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا. وقد توصَّل خبراء علوم المناخ إلى أنه خلال آخر عصر جليدي قبل أكثر من 11,000 عام، كانت درجات الحرارة العالمية أقل بحوالي 6 درجات مئوية (11 درجة فهرنهايت) في المتوسط مقارنةً بدرجات الحرارة العالمية في القرن العشرين.
تأتي الفترات الأكثر دفئًا بعد العصور الجليدية، ووفقًا لعلماء NASA، ترتبط هذه الدورات المناخية بدورات Milankovitch، وهي سلسلة من الحركات المدارية التي تؤثِّر في كمية الضوء والطاقة التي يمتصها كوكب الأرض من الشمس.1
هناك عوامل طبيعية أخرى تؤثِّر في المناخ، تُعرَف أيضًا باسم "القوى المناخية". تُصنَّف الثورات البركانية الكبيرة ضمن القوى المناخية؛ لأن انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت من هذه الثورات يمكن أن تُحدث تأثيرًا تبريديًا مؤقتًا. يتحول ثاني أكسيد الكبريت إلى حمض الكبريتيك الذي يتكثف على شكل جسيمات هوائية في الغلاف الجوي، ما يعكس إشعاع الشمس بعيدًا عن الغلاف الجوي للأرض. تَصِف هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ثوران جبل بيناتوبو في الفلبين عام 1991 بأنه "بارز من حيث تأثيره في المناخ"، إذ أنتج أكبر سحابة من ثاني أكسيد الكبريت تم رصدها في التاريخ وساهم في تبريد الأرض لمدة ثلاث سنوات.2
يتفق معظم علماء المناخ على أن أكبر العوامل المسببة لتغيُّر المناخ اليوم -وخاصةً الاحتباس الحراري- هي الأنشطة البشرية. وأكثر هذه الأنشطة تأثيرًا هو حرق الوقود الأحفوري، أي الفحم والغاز الطبيعي والنفط. يؤدي احتراق الوقود الأحفوري إلى توليد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بما في ذلك انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان.
يُطلق على ثاني أكسيد الكربون والميثان اسم الغازات الدفيئة؛ لأنها تكوِّن حاجزًا يحتجز الحرارة في الغلاف الجوي للأرض بطريقة مشابهة لاحتجاز جدران وسقف الدفيئة للحرارة داخلها. وهذا الاحتجاز للحرارة، المسمَّى تأثير الدفيئة (الاحتباس الحراري)، يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض.
معظم انبعاثات الغازات الدفيئة منشأها بشري، أي أنها ناتجة عن الإنسان وأنشطته. وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC)، فإن حوالي 79% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية تنبع من قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والبناء في الاقتصاد.3كما أن الزراعة والغابات والاستخدامات الأخرى للأراضي تولِّد كمية كبيرة من الانبعاثات. على سبيل المثال، تُعَد الأشجار مخازن طبيعية للكربون، لكن إزالة الغابات -إزالة الأشجار لإفساح المجال للزراعة أو استخدامات أخرى- تطلق هذا الكربون في الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون.
اليوم، نركز أكثر من أي وقت مضى على تأثير الإنسان في المناخ، لكن الأنشطة البشرية تغيِّر المناخ على مستوى العالم بشكل كبير منذ أكثر من قرن. ولتتبُّع أصول التأثير القابل للقياس للإنسان في مناخ الأرض، يجب النظر إلى الثورة الصناعية. مع تحوُّل المجتمعات الزراعية إلى صناعية بحلول أواخر القرن التاسع عشر، أصبح الوقود الأحفوري بشكل متزايد المصدر الأساسي لتشغيل الآلات والتقنيات الحيوية لهذا التحول. وبحلول منتصف القرن العشرين، بلغ إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حوالي 5 جيجا طن سنويًا، ثم ارتفعت بشكل حاد لتصل إلى 35 جيجا طن سنويًا بنهاية القرن.
نتيجةً لتغيُّر المناخ، شهدت الأرض ارتفاعًا في درجات الحرارة العالمية (الاحتباس الحراري)، بما في ذلك العقد الأكثر حرارةً على الإطلاق بين 2011 و2020، وفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA). على سطح الأرض، يكون متوسط درجة الحرارة أكثر دفئًا بحوالي 1.1 درجة مئوية (1.98 درجة فهرنهايت) اليوم مقارنةً بما كان عليه قبل الثورة الصناعية.
هذا الارتفاع البسيط في درجة الحرارة له تأثيرات عميقة في كوكب الأرض. وجد العلماء أدلة قوية تُشير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يساهم في:
مع استمرار ارتفاع درجات حرارة الأرض، تصبح موجات الحر الخطيرة أكثر شيوعًا. يمكن للحرارة أن تزيد من تبخر المياه، ما يؤدي إلى ارتفاع وتيرة الجفاف. تؤدي الظروف الأكثر جفافًا أيضًا إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرائق الغابات.
في مناطق أخرى من العالم، تؤدي زيادة التبخر وارتفاع بخار الماء في الغلاف الجوي إلى هطول أمطار غزيرة وحدوث فيضانات. بحسب إدارة المحيطات والغلاف الجوي الأمريكية (NOAA)، يتوقع الخبراء أن ترتفع معدلات الأمطار الناتجة عن الأعاصير المدارية بشكل خاص بنسبة من 10% إلى 15%.4
وفي حين أن الظواهر الجوية المتطرفة تحدث خلال فترة زمنية محددة، تشهد النظم البيئية الطبيعية تغييرات طويلة المدى وتراجعًا في التنوع البيولوجي. على سبيل المثال، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة تدريجيًا إلى ذوبان جليد البحر المتجمد الشمالي والأنهار الجليدية، مهددةً الحياة البرية من الدببة القطبية إلى الأسماك. تؤدي درجات الحرارة المرتفعة للمحيطات في المناخات الدافئة مثل أستراليا وفلوريدا إلى تدمير الشعب المرجانية. الحياة البحرية معرضة أيضًا للخطر نتيجةً تحمُّض المحيطات، الناتج عن امتصاص مياه البحر لثاني أكسيد الكربون.
في المقابل، بينما تعاني بعض الأنواع نتيجةً لتغيُّر المناخ، تزدهر بعض الأنواع الغازية، حيث تتوسَّع خارج نطاقها الجغرافي الأصلي. على سبيل المثال، قد تساعد فصول الشتاء الأكثر اعتدالًا في الولايات المتحدة نبات الكدزو الغازي على الانتشار إلى مناطق جديدة والتغلب على الأنواع الأصلية مثل الأعشاب والأشجار.5 وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC)، فإن آثار تغيُّر المناخ على بعض النظم البيئية لا يمكن التراجع عنها.
يؤدي تغيُّر المناخ إلى حدوث الظواهر الجوية المتطرفة والتغيُّرات في النظم البيئية التي تهدد حياة الكثير من الناس سنويًا، أو زيادة حدتها. على سبيل المثال، أصبحت أمطار الرياح الموسمية الموسمية في الهند أكثر شدة في السنوات الأخيرة -ويربط العلماء ذلك بالاحتباس الحراري- ما أدى إلى مئات الوفيات؛ بسبب الفيضانات والانهيارات الأرضية المفاجئة.
في أفريقيا، قد يؤدي "الوضع الطبيعي الجديد" المتمثل في الجفاف والفيضانات والأعاصير المتكررة نتيجة تغيُّر المناخ إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي في المناطق الضعيفة بالفعل، وفقًا لدراسة صندوق النقد الدولي (International Monetary Fund).6 وبشكل عام، قد يموت حوالي 250,000 شخص إضافي سنويًا؛ بسبب المشكلات المرتبطة بتغيُّر المناخ، بدءًا من الأمراض ووصولًا إلى الإجهاد الحراري، حسب منظمة الصحة العالمية (World Health Organization).
تؤثِّر آثار تغيُّر المناخ أيضًا في سبل العيش. على سبيل المثال، مع ارتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن ذوبان الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية، تزداد الفيضانات وتآكل الشواطئ، ما يهدد السياحة الساحلية.يؤدي ارتفاع حرارة المحيطات وتحمُّضها إلى الإضرار بمخزون الأسماك ومصائدها. تُشير أبحاث الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) إلى أن استمرار الاحتباس الحراري سيؤدي إلى تراجع إنتاج الغذاء في مناطق مختلفة حول العالم.
يناقش العلماء تغيُّر المناخ منذ أكثر من قرن. في عام 1896، كتب الفيزيائي السويدي سSvante Arrhenius ورقة بحثية تنبأ فيها بأن تغيُّر مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتأثير الاحتباس الحراري الناتج قد يؤثِّران في مناخ الأرض. بعد حوالي أربعين عامًا، ربط المهندس البخاري الإنجليزي والعالم الهاوي Guy Callendar بين الاحتباس الحراري وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وفي خمسينيات القرن الماضي، حذر الفيزيائي الكندي Gilbert Plass من أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية كانت ترفع درجة حرارة سطح الأرض بمعدل 1.5 درجة فهرنهايت لكل قرن.
وعلى الرغم من تحذير Plass، فإن الجهود العالمية الجادة لمواجهة تغيُّر المناخ لم تبدأ إلا في أواخر الثمانينيات. أنشأت الأمم المتحدة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) في عام 1988، بينما اعتبرت الجمعية العامة للأمم المتحدة (UN General Assembly) تغيُّر المناخ قضية عاجلة. بعد أقل من عقد من الزمن، في عام 1997، أصبح بروتوكول كيوتو (Kyoto Protocol) أول معاهدة دولية تحدِّد أهدافًا ملزِمة قانونيًا للدول المتقدمة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
شملت اتفاقية باريس لعام 2015 أيضًا الدول النامية، ووسَّعت أهداف خفض الانبعاثات لتشمل جميع الدول. تهدف الاتفاقية إلى منع ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بأكثر من 2 درجة مئوية (35.6 درجة فهرنهايت) فوق مستويات ما قبل الصناعة. وقد وقَّعت على اتفاقية باريس ما يقرب من 200 دولة.
في عام 2015، اعتمد أعضاء الأمم المتحدة أيضًا 17 هدفًا من أهداف التنمية المستدامة، والتي ركَّزت على تبنّي نظم طاقة مستدامة، وإدارة الغابات بشكل مستدام، وخفض الانبعاثات.
في تقريرها التقييمي السادس الصادر عام 2023، تتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) بثقة أن "التخفيف العميق والسريع والمستدام، وتسريع تنفيذ إجراءات التكيف" سيقلل من الآثار السلبية لتغيُّر المناخ في البشر والنظم البيئية. وأشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) إلى أنه منذ تقريرها التقييمي الخامس، الصادر عام 2014، توسَّعت السياسات وزادت القوانين المتعلقة بالتخفيف من آثار تغيُّر المناخ . ومع ذلك، توصَّلت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ (IPCC) إلى أن السياسات المتبعة حتى الآن من غير المرجح أن تمنع ارتفاع درجات الحرارة العالمية عن 1.5 درجة مئوية (34.7 درجات فهرنهايت) خلال هذا القرن.
إحدى الاستراتيجيات الأساسية للتخفيف من تغيُّر المناخ هي التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري نحو الطاقة النظيفة والمتجددة. تولِّد مصادر الطاقة المتجددة انبعاثات غازات دفيئة أقل بكثير مقارنةً بمصادر الوقود الأحفوري. تشمل المصادر الرئيسية للطاقة المتجددة ما يلي:
تستغل توربينات الرياح قوة الرياح وتحوِّلها إلى كهرباء. يمكن تركيب توربينات الرياح على الأرض أو في المواقع البعيدة عن الشاطئ. وهناك تفاوت في توليد الكهرباء بواسطة توربينات الرياح بسبب تقلب سرعة الرياح.
تستخدم الطاقة الكهرومائية، المعروفة بأنها أقدم أشكال الطاقة المتجددة، تدفق المياه المتحركة لتوليد الكهرباء. يمكن لمنشآت الطاقة الكهرومائية، سواء أكانت سدودًا أم هياكل أصغر، مساعدة المجتمعات على إدارة إمدادات المياه عن طريق تخزين المياه الفائضة، والتي يمكن استخدامها لاحقًا لأغراض متعددة مثل مكافحة حرائق الغابات وريّ المحاصيل.
تلتقط تقنيات الطاقة الشمسية الإشعاع الشمسي وتحوِّله إلى طاقة. وتساعد الألواح الشمسية المثبتة على أسطح المباني في تزويد المنازل والشركات بالكهرباء، وتوجد الآلاف من محطات الطاقة الشمسية أو يجري إنشاؤها حول العالم. وكما هو الحال مع طاقة الرياح، هناك تفاوت في إنتاج الطاقة من المصادر الشمسية؛ بسبب الظروف الجوية والعوامل الموسمية.
تشمل مصادر الطاقة المتجددة الأخرى الطاقة الحيوية (الطاقة الناتجة عن الكتلة الحيوية مثل مخلفات المحاصيل ومخلفات الطعام)، والطاقة الحرارية الجوفية (الطاقة الحرارية القادمة من تحت سطح الأرض)، والطاقة البحرية (استغلال الطاقة الحركية والطاقة الحرارية لتدفقات المياه الطبيعية).
قد تكون تقنية تخزين الطاقة مفتاحًا لمعالجة تفاوت إنتاج الطاقة المتجددة، لتمكين المصادر المتجددة من استبدال الوقود الأحفوري بالكامل. وفقًا للوكالة الدولية للطاقة، هناك حاجة إلى مزيد من التقدم في زيادة سعة تخزين الطاقة لتحقيق هدف الوكالة المتمثل في الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050.7
بالإضافة إلى تقنيات الطاقة المتجددة، هناك تقنيات وعمليات أخرى واعدة للتخفيف من آثار تغيُّر المناخ. على سبيل المثال، يتم تطوير تقنيات مختلفة لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي والتقاطه من مصادر الانبعاثات. على مستوى المؤسسات، تساعد برامج إدارة الطاقة الأعمال على مراقبة استهلاك الطاقة في مؤسساتهم والتحكم فيه وتحسينه، ما يساعد على خفض انبعاثات الكربون وتقليل التكاليف أيضًا.