لقد أدى الانفجار في المحتوى الرقمي إلى وجود العديد من تنسيقات وتخطيطات المستندات المختلفة، بالإضافة إلى قنوات إدخال جديدة تتفاوت في الجودة وقدرتها على الفهم. قد يكون الشخص جالسًا في المقعد الخلفي لسيارة أجرة مشتركة، محاولًا التقاط صورة لفاتورة خدمات بهدف التقديم للحصول على تصريح موقف محدود الوقت. أو قد يتبادل الشخص رسائل البريد الإلكتروني مع مريض، محاولًا معالجة طلب تأمين صحي في أثناء العمل من مكتب منزلي بعيد. في عام 2018، ذكرت مجلة Forbes أن العامين السابقين أنتجا 90% من بيانات العالم. يمكن للمرء أن يتخيَّل مدى التسارع الذي حدث في عام 2020 مع العمل عن بُعد والخدمات الطبية عن بُعد والتفاعلات الاجتماعية الرقمية وغير ذلك.
بالإضافة إلى الانفجار في المحتوى الرقمي وقنوات الإدخال، لم تَعُد تقنيات وأساليب الالتقاط الحالية قادرة على التوسع. على سبيل المثال، تم استخدام وظيفة بصمة الإصبع لتحديد مناطق التعرُّف والمعلومات الموضعية لاستخراج البيانات الدقيقة المطلوبة في تنسيقات مستندات محددة أو لمطابقة أنواع مماثلة. ومع ذلك، مع ظهور العديد من تنسيقات المستندات الفريدة نتيجة برامج اجتماعية أو اقتصادية جديدة أو علاقات جديدة بين الأعمال (B2B)، فإن إعدادها يستغرق وقتًا يمكن أن يتم استثماره في إتمام الأعمال أو تحسين الاقتصاد أو تعزيز الرفاهية الاجتماعية للمواطنين. بالإضافة إلى ذلك، فإن أوراق الفصل مثل العناوين أو الرموز الشريطية المستخدمة لتحديد عناصر الطلبات لا تكون فعَّالة عند وجود مدخلات من قنوات مختلفة مثل الهواتف المحمولة والبريد الإلكتروني والنماذج الإلكترونية.
والنتيجة هي أن المؤسسات تقضي وقتًا متزايدًا في معالجة المستندات يدويًا، ولا يمكننا ببساطة إلقاء اللوم على ضعف جودة صور الفاكس. وجدت دراسة أجرتها Levvel Research في 2019 أن 57% من بيانات الفواتير يتم إدخالها يدويًا، وأن 49% من الموافقات على الفواتير تتطلب موافقة شخصين إلى ثلاثة أشخاص.
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي (AI) ليس جديدًا، فإن المؤسسات واجهت صعوبةً في استخدامه بنجاح لمعالجة المستندات شبه المنظمة وغير المنظمة. تطلَّب استخدام الذكاء الاصطناعي مهارات كبيرة في علوم البيانات وآلاف المستندات النموذجية لتدريب النماذج. وقد أدى ذلك بدوره إلى طول فترة جمع المستندات والبيانات لتحقيق فوائد الأعمال.
ومع ذلك، فإن التقدم في الذكاء الاصطناعي والأدوات البسيطة أتاح تسريع استخدامه في معالجة المستندات. أولًا، ظهرت خوارزميات التعلم العميق، والتي بدأت بمحاكاة تفكير الدماغ البشري. يمكن لهذه الخوارزميات تحديد الأنماط السياقية الصحيحة لفهم المعلومات غير المنظمة (مثل محتوى المستند)، وتطبيق هذا التعلم على بيانات لم تتم رؤيتها من قبل - وهو ما يُعرَف باسم التعلم بالنقل. يساعد ذلك على تقليل عملية جمع المستندات ودورات التدريب الطويلة. ثانيًا، الأدوات التي لا تحتوي على تعليمات برمجية مع أدلة إرشادية بسيطة خطوة بخطوة تجعل من السهل على مستخدمي الأعمال تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتنسيق مخرجات البيانات أو تحويلها وتخصيص مستوى تحمُّل مخاطر الأعمال.
على الرغم من أن تنفيذ المعالجة الذكية للمستندات واستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي قد يختلف من مزوِّد إلى آخر، فإن الأنشطة الأساسية تظل نفسها:
أولًا، تصنيف المستندات هو العملية التي يتم من خلالها تحديد أنواع المستندات، مثل الفواتير أو نماذج الضرائب. باستخدام مجموعة من المستندات النموذجية، يمكن تدريب نموذج تصنيف ذكاء اصطناعي على أنواع المستندات المختلفة والحقول والقيم المرتبطة بكل نوع. لا يساعد هذا النشاط على تغذية النشاط التالي لاستخراج البيانات فحسب، بل يُتيح أيضًا نقل التعلم لأنواع المستندات المماثلة الأخرى ويسهِّل البحث بشكل أفضل عن المستندات في مستودعات المحتوى.
بعد ذلك، يُعَد استخراج البيانات الذكي النشاط الأساسي الذي يتم من خلاله سحب المعلومات المهمة والملائمة من الصفحة. ويشمل ذلك تحديد أزواج المفتاح والقيمة مثل رقم الحساب أو المبلغ المستحق، وتحديد شكل البيانات المتوقع ومكانها المحتمل في الصفحة، بالإضافة إلى تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على المعلومات ذات الصلة في كل نوع من المستندات المختلفة. في هذه الخطوة، قد تكون هناك أيضًا بيانات وصفية مستخرجة ومرتبطة بالمستند لتسهيل البحث لاحقًا.
أخيرًا، يتكون إخراج البيانات من إثراء البيانات المستخرجة وإنشاء ملف المخرجات النهائي لاستخدامه في المراحل التالية. يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لتصحيح الأخطاء الإملائية الشائعة تلقائيًا، وتحويل البيانات إلى تنسيقات إخراج قياسية (مثل أرقام الهاتف)، وتنسيق البيانات لتبدو متسقة (مثل وضع رقمين عشريين لقيم الدولار). الخطوة الأخيرة هي إنشاء ملف المخرجات -غالبًا ما يكون ملف JSON- والذي يمكن بعد ذلك استخدامه في سير العمل أو رفعه إلى مستودع محتوى لاستخدامه لاحقًا.
من المستفيدين الرئيسيين من المعالجة الذكية للمستندات أتمتة العمليات، حيث يمكن إدخال البيانات المنظمة التي تم التحقق منها مسبقًا في المعاملات، ما يُتيح معالجة أسرع وعمليات قابلة للتوسع. على سبيل المثال، كان الإعداد اليدوي لسير العمل وإدخال البيانات والتحقق من صحتها يستغرق ساعات من قِبل العامل البشري. يمكن أن يساعد التكامل بين المعالجة الذكية للمستندات وسير العمل في القضاء على هذه الخطوات اليدوية، كما يمكن دفع بيانات الإخراج تلقائيًا إلى عملية الأعمال. وبالمثل، فإن إدخال بيانات خاطئة إلى روبوت أتمتة العمليات الآلية (RPA) قد يؤدي إلى خطوة تالية معيبة، ما قد يتسبب في حدوث عائق أو خطأ في عملية الأعمال. بالاستفادة من المخرجات المستمرة للمعالجة الذكية للمستندات، يمكن لروبوت أتمتة العمليات الآلية (RPA) التوسع بسهولة أكبر داخل المؤسسة. أخيرًا، يمكن للوحات المعلومات البصرية تمكين مستخدمي الأعمال من اكتشاف الأنماط والرؤى المتعلقة بالبيانات المستخرجة أو العوائق في عمليات الأعمال، ما يؤدي إلى اتخاذ قرارات أكثر وعيًا.
لمعرفة المزيد عن دور RPA في الأتمتة، راجع "فن الأتمتة: الفصل 2 - أتمتة العمليات الآلية (RPA)".
هناك أدلة قوية على وجود طلب على أتمتة معالجة المستندات، حيث إن الجمع بين الذكاء الاصطناعي والأدوات منخفضة الكود سيؤدي إلى تحسين إنتاجية العاملين وتعزيز أداء الأعمال لدى المؤسسات.
في الواقع، عند تعاملنا مع عملاء IBM، اكتشفنا العديد من حالات الاستخدام التي يمكن تطبيق المعالجة الذكية للمستندات الذكية فيها. سنستعرض ثلاثة أمثلة لحالات الاستخدام أدناه والفوائد المحتملة التي قد تحققها المؤسسات.
تُعَد عملية عرض السعر والموافقة في التأمين التجاري شديدة التنافسية، فتفوز بالصفقة غالبًا الشركة التي تقدِّم عرض أسعار أولًا. ويتمثل التحدي في أن هذه العملية في العديد من شركات التأمين تتطلب مراجعة يدوية وإدخال بيانات الطلب وقراءة المستندات الداعمة، ما يجعل المنافسة أو التوسع أمرًا صعبًا. وهذا أيضًا يصرِف تركيز الوكلاء عن خدمات الاستشارة، والتي تُعَد ضرورية للحفاظ على الأعمال الحالية وتنميتها. يمكن للمعالجة الذكية للمستندات أتمتة هذه العملية باستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق لقراءة كل نوع من المستندات وتصنيفه واستخراج البيانات المناسبة من هذه التنسيقات المختلفة. يمكن بعد ذلك ربط البيانات المستخرجة بسير عمل لتسريع معالجة الأعمال لإنتاج عرض الأسعار والموافقة على الطلب.
الفوائد الثلاثة المحتملة لتطبيق المعالجة الذكية للمستندات هي كما يلي:
يتطلب التسجيل في عشرات البرامج الحكومية المحلية، مثل مساعدات الغذاء أو الإسكان المدعوم، معالجة يدوية غير فعَّالة عبر جداول البيانات، نظرًا لعدم توفُّر الموارد لدى فرق تكنولوجيا المعلومات لبناء الحلول المطلوبة. باستخدام أدوات البرمجة منخفضة الأكواد والمعالجة الذكية للمستندات، يمكن لمستخدمي الأعمال إنشاء تطبيقات معالجة بسيطة لكنها مناسبة للغرض، وتدريب النظام على التعرُّف على الحقول الرئيسية في نماذج التسجيل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأدوات التدقيق سهلة التكوين التأكد من التعرُّف بدقة على حقول التاريخ والعملات، كما يمكن أيضًا إنشاء أدوات تدقيق مخصصة بسيطة للتعامل مع الحقول الفريدة مثل رقم الضمان الاجتماعي.
الفوائد الثلاثة المحتملة لتطبيق المعالجة الذكية للمستندات هي كما يلي:
قد توفِّر البنوك أكثر من 20 نموذجًا مختلفًا لخدمات الحسابات للتنزيل من موقعها الإلكتروني. يستخدم أصحاب الحسابات هذه النماذج لإجراء تغييرات على حساباتهم أو لإغلاقها. اليوم، قد تتطلب هذه العملية فريقًا كبيرًا من الوكلاء لقراءة هذه النماذج، والتحقق من البيانات، ثم إدخالها في نظام إدارة الحسابات. ومع ذلك، باستخدام أدوات منخفضة الأكواد وتقنيات المعالجة الذكية للمستندات، يمكن للبنك بناء حلول بسرعة لمعالجة كل نموذج من نماذج خدمات الحساب، واستخدام المعالجة الذكية للمستندات لتدريب النظام على كل نموذج، ليس فقط للتعرُّف على الحقول الشائعة مثل عنوان العميل ورقم الحساب، بل أيضًا على الحقول الفريدة لكل نموذج.
من خلال الدمج مع أتمتة العمليات الآلية (RPA)، يمكن للبنك أيضًا استخدام البيانات المستخرجة لأتمتة إدخال التغييرات في أنظمة البنك الخلفية. بالإضافة إلى ذلك، باستخدام التصنيف الذكي للمستندات، يمكن تمييز نماذج إغلاق الحساب بسرعة وتنبيه الوكلاء بشأن العملاء الذين قد يشكِّلون مخاطر مغادرة محتملة.
الفوائد الثلاثة المحتملة لتطبيق المعالجة الذكية للمستندات هي كما يلي:
ويتجسّد نهج IBM في معالجة المستندات الذكية ضمن IBM® Cloud Pak for Business Automation. وباعتباره حلًا أصليًا للسحابة، تُعد Automation Document Processing مجموعة من الخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تقرأ البيانات من المستندات وتصححها تلقائيًا. كما يوفّر مصمم معالجة المستندات واجهة سهلة الاستخدام بدون تعليمات برمجية لتدريب النماذج على تصنيف المستندات واستخراج البيانات والإثراء الدلاليّ للبيانات.
بالإضافة إلى ذلك، توفِّر IBM قوالب جاهزة لتطبيقات معالجة المستندات يمكن استخدامها للتعامل مع المستندات ذات الصفحة الواحدة أو دفعات المستندات. يمكن أيضًا استخدام مجموعات الأدوات في مصمم التطبيقات لتخصيص تطبيق المستخدم النهائي ليحاكي شكل وتجربة التطبيقات الأخرى داخل المؤسسة. أخيرًا، توفِّر IBM أدوات نشر بسيطة وتكاملًا جاهزًا مع قدرات خدمات المحتوى الخاصة بها، IBM® FileNet Content Manager، لكلٍّ من تخزين المستندات وملفات مخرجات البيانات.
بينما تناول هذا الفصل لمحة عن جاهزية معالجة المستندات للتغيير والدور الكبير الذي يؤديه الذكاء الاصطناعي في دفع هذا المجال إلى الأمام، فإن الابتكار في هذا الجانب لا يزال في تطور مستمر. وهناك مجالان رئيسيان، على وجه الخصوص، تجب مراقبتهما. أولًا، مع الازدياد الكبير في تنسيقات وهياكل المستندات شبه المنظمة وغير المنظمة، ستحتاج نماذج الذكاء الاصطناعي إلى مواكبة هذا التوسع. بدءًا من قراءة هياكل الجداول شديدة التعقيد ووصولًا إلى معالجة الهويات الصادرة عن الجهات الحكومية والتي تتضمن بصمات مائية أو عناصر هولوغرافية، ستواجه نماذج الذكاء الاصطناعي تحديات كبيرة للحفاظ على دقتها.
ثانيًا، على الرغم من أن هذا المجال يُعرَف باسم المعالجة الذكية للمستندات، فإن استخدام ملفات الفيديو والصوت يشهد نموًا متزايدًا. وهي مسألة وقت فقط قبل أن تصبح هذه الأنواع من الملفات جزءًا أساسيًا في مسار معالجة مطالبات التأمين أو إعداد تقارير الحوادث لدى الشرطة.
ابقَ معنا في هذه الرحلة، فالقادم يحمل الكثير من التطور والدهشة.
تأكَّد من متابعة بودكاست فن الأتمتة (The Art of Automation)، وخاصةً الحلقة السابعة، حيث أجتمع مع Jerry Cuomo لمناقشة المعالجة الذكية للمستندات.
أعِد التفكير في أعمالك باستخدام الذكاء الاصطناعي والأتمتة من IBM، واجعل أنظمة تكنولوجيا المعلومات أكثر استباقية، والعمليات أكثر كفاءة، والموظفين أكثر إنتاجية.
تضمن IBM تحول الأعمال لعملائها من الشركات من خلال خدمات استشارات الأتمتة المتقدمة.
IBM Cloud Pak for Business Automation عبارة عن مجموعة معيارية من مكونات البرامج المتكاملة لإدارة العمليات والأتمتة.