مستقبل تقنية 5G: ما يمكن توقعه من هذه التقنية التحويلية

14 مارس 2024

قراءة لمدة 7 دقائق

منذ إطلاقها في عام 2019، شهدت شبكات 5G اللاسلكية نموًا في كل من التوفر وحالات الاستخدام. كانت Apple من أوائل الشركات المصنعة التي أقدمت على اختبار تقنية 5G في عام 2020 من خلال طرح أحدث أجهزة iPhone المتوافقة مع تقنية 5G. منذ ذلك الحين، انفتحت الأبواب، ويُصنع اليوم حوالي 62% من الهواتف الذكية مزودة بتقنية 5G (محتوى الرابط موجود خارج موقع ibm.com). ويزداد عدد الشبكات باستمرار، حيث يوفر العديد من مزودي خدمة الإنترنت المعروفين (ISPs) مثل Verizon وGoogle وAT&T، الاتصال بشبكة 5G في كل من المنازل والشركات.

ولكن ما الذي يخبئه المستقبل؟ أُشيدَ بتقنية 5G باعتبارها تقنية ثورية، يمكن مقارنتها بالذكاء الاصطناعي (AI)، والتعلم الآلي (ML) وإنترنت الأشياء (IoT) من حيث التغييرات التي ستحدثها. فما الجزء الحقيقي من القصة وما الدعاية المطروحة بالتحديد؟ للإجابة عن هذا السؤال، يجب علينا أولاً أن نفهم كيفية عمل تقنية 5G وما الذي يجعلها مختلفة عن التقنيات الأخرى.

ما المقصود بالجيل الخامس؟

تقنية 5G (الجيل الخامس من التقنية المحمولة) هي معيار جديد لشبكات الهواتف المحمولة طوره مشروع شراكة الجيل الثالث (3GPP) في عام 2018 ليحل محل المعايير السابقة 3G و4G و4G LTE. تهدف إلى تحديد مجموعة جديدة من المعايير للأجهزة والتطبيقات المتوافقة مع شبكات 5G. وعلى خُطى سابقاتها، تستخدم تقنية 5G موجات الراديو لنقل البيانات. ومع ذلك، بفضل التحسينات في زمن الانتقال، وسرعة نقل البيانات، وعرض النطاق الترددي، يمكن لشبكات 5G تحقيق سرعات تنزيل ورفع أسرع بكثير، ما يوفر نطاقًا أوسع من التطبيقات.

ما الذي يميز تقنية 5G عن الأجيال السابقة من الشبكات اللاسلكية؟

بفضل التحسينات التقنية، أُشيدَ بتقنية 5G إشادة كبيرة لقدرتها التحولية في العديد من الصناعات. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى قدرتها على نقل كميات كبيرة من البيانات بسرعة وتوفير الأمان بين الأجهزة المتصلة، بسرعات لم يتم الوصول إليها من قبل. منذ اختراع النطاق العريض المحمول وتوسعته التدريجي في كل جانب من جوانب العمل والحياة المنزلية، زادت كميات البيانات التي تنتجها الشبكات والأجهزة المحمولة التي تعمل عليه بشكل كبير. تتطلب بعض التقنيات (مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (ML)) اليوم كميات كبيرة من البيانات لتعمل بسرعات لم تكن متاحة في الأجيال السابقة من الشبكات اللاسلكية. من ناحية أخرى، فإن تقنية 5G، بسرعاتها الفائقة وتردداتها العالية (24جيجاهرتز–40 جيجاهرتز)، تناسب تمامًا التطبيقات التي تتطلب وصولاً سريعًا وآمنًا إلى كميات كبيرة من البيانات.

فيما يلي أهم بعض الاختلافات بين تقنية 5G وسابقاتها:

  • بصمة مادية أصغر:تعد أجهزة الإرسال في تقنية 5G أصغر من تلك الموجودة في الشبكات السابقة، وتكون "الخلايا" — الخاصة بالمناطق الجغرافية التي تعتمد عليها التقنية اللاسلكية من أجل الاتصال — أصغر أيضًا وتحتاج إلى طاقة أقل.
  • تحسين معدلات الخطأ: تعتمد تقنية 5G على مخطط التعديل والترميز المتكيف (MCS)، وهو مخطط مخصص لنقل البيانات فائق الإمكانات أكثر من المخططات المستخدمة في شبكات 3G و4G. نتيجة لذلك، فإن معدلات خطأ الكتلة (BER)— وهو معدل تكرار الأخطاء على شبكاتها—أقل بكثير.
  • نطاق ترددي أفضل: من خلال استخدام ترددات راديوية أكثر مقارنة بشبكات الاتصالات اللاسلكية السابقة، بما في ذلك النطاق المنخفض (أقل من 1 جيجاهرتز)، والنطاق المتوسط (1 جيجاهرتز – 6 جيجاهرتز)، والنطاق العالي (24 جيجاهرتز – 40 جيجاهرتز)، يمكن لتقنية 5G دعم عدد أكبر من الأجهزة في الوقت نفسه.
  • زمن انتقال أقصر: يعد زمن الانتقال — القصير لشبكة 5G وهو قياس للوقت الذي يستغرقه انتقال البيانات من موقع إلى آخر—أفضل من الشبكات السابقة، ما يجعل الأنشطة الروتينية مثل تنزيل الملفات أو العمل في السحابة أسرع بكثير.

كيف تعمل تقنية 5G؟

مثل جميع الشبكات اللاسلكية الأخرى، تعتمد تقنية 5G على "الخلايا" لتعمل. داخل كل خلية، يتصل جهاز لاسلكي، مثل الهاتف أو الكمبيوتر المحمول أو الجهاز اللوحي، بالإنترنت باستخدام موجات راديوية تنتقل بين هوائي 5G والمحطة الأساسية. تستخدم شبكة 5G التقنية نفسها التي دعمت الأجيال السابقة من الشبكات اللاسلكية، لكن مع تحسينات ملحوظة. يمكن لشبكات 5G نقل البيانات بسرعة تصل إلى 10 أو حتى 20 جيجابت في الثانية (Gbps)— ما يجعلها أسرع بأكثر من 100 مرة مقارنة بشبكة 4G.

مع زيادة عدد الأجهزة المصممة لتقنية 5G، يزداد أيضًا الطلب على الشبكات نفسها. في أمريكا الشمالية، تقدم جميع شركات الاتصالات الشهيرة الآن خدمة 5G، التي تغطي أكثر من 200 مليون منزل وشركة، (محتوى الرابط موجود خارج موقع ibm.com)، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم في السنوات الأربع المقبلة.

فيما يلي ثلاثة مجالات مهمة تتفوق فيها تقنية 5G على سابقاتها.

معيار RAT الجديد

يحدد معيار 5G NR (الراديو الجديد) للشبكات الخلوية مواصفات تقنية الوصول إلى الراديو التالية (RAT) لجميع شبكات 5G للهاتف المحمول. تتوافق 45% من الشبكات في جميع أنحاء العالم اليوم مع تقنية الجيل الخامس، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 85% بحلول نهاية العقد وفقًا لتقرير حديث صادر عن  شركة Ericsson (محتوى الرابط موجود خارج موقع ibm.com).

إمكانيات تقسيم الشبكة إلى شرائح

في شبكات 5G، يمكن لمشغلي الاتصالات تقديم العديد من الشبكات الافتراضية المستقلة (بالإضافة إلى الشبكات العامة) على نفس البنية الأساسية، ما يمكّن المستخدمين من ممارسة المزيد من الأنشطة عن بُعد مع توفير عنصر الأمان أكبر من أي وقت مضى.

شبكات خاصة

بالإضافة إلى تقسيم الشبكة إلى شرائح، تتيح تقنية 5G للمستخدمين إنشاء شبكات خاصة مع تحسين التخصيص والأمان. تتجه المؤسسات التي تسعى إلى فرض مزيد من سيطرة موظفيها وتوفير المرونة لهم بشكل متزايد نحو استخدام البِنَى الأساسية لشبكات 5G الخاصة بدلاً من الشبكات العامة.

مستقبل تقنية 5G: الابتكارات في السنوات القادمة

يزداد الاهتمام بشبكات 5G والأجهزة والتطبيقات التي تعمل عليها بشكل ملحوظ بين المستهلكين وقادة العمل. وفقًا لهذه المستندات الفنية الحديثة الصادرة عن IDC (محتوى الرابط موجود خارج موقع ibm.com)، من المتوقع شحن ما يقرب من 120 مليون جهاز بمزود بتقنية 5G في الولايات المتحدة وحدها بحلول نهاية عام 2023، بزيادة قدرها 9.3% مقارنة بالعام السابق. بحلول عام 2027، وهو العام الأخير الذي يغطيه التقرير، من المتوقع شحن 155 مليون وحدة، وهذا يمثل معدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 7.4%.

على الرغم من عدم وجود الأرقام نفسها عالميًا، تشير تقارير Statista (محتوى الرابط موجود خارج موقع ibm.com) إلى أن نسبة انتشار الهواتف الذكية المتوافقة مع تقنية 5G ستصل إلى 59% في عام 2023، ومن المتوقع أن تتجاوز 82% بحلول عام 2027.

لكن ما الذي تعينه زيادة هذا الحرص حقًا، بخلاف الأرقام؟ في بعض الأحيان، مع ظهور التقنيات الجديدة، قد يكون من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وبين ما يُعد مجرد دعاية حماسية. إليك نظرة فاحصة على بعض المجالات التي من المتوقع أن تتأثر بتقنية 5G والتغييرات المحتملة التي ستحدثها.

الرعاية الصحية

في قطاع الرعاية الصحية، تسهم تقنية 5G بالفعل في تحقيق كفاءات أكبر، ومعارف أعمق من البيانات، وتحسين نتائج المرضى. ستساعد سرعتها العالية وزمن الانتقال القصير وزيادة عرض النطاق الترددي الأطباء في اكتشاف علاجات جديدة، وأداء عمليات حيوية عن بُعد باستخدام التشغيل الآلي، والوصول إلى معلومات المرضى في أي مكان.

بشكل أكثر دقة، ستستمر تقنية 5G في تحقيق ما يلي:

  • زيادة عدد أجهزة إنترنت الأشياء (IOT) المستخدمة لمراقبة صحة المرضى عن بُعد.
  • توفير اتصال موثوق مع نتائج في الوقت الفعلي، يتيح للموظفين اتخاذ قرارات أسرع وأكثر استنارة حول رعاية المرضى.
  • نقل الصور ومقاطع الفيديو عالية الدقة—مثل الأشعة السينية وصور الثدي بالأشعة السينية—بسرعة وأمان، بحيث يمكن قراءة نتائجها عن بُعد.

سلاسل التوريد

مع انتشار اتصال 5G، ستستفيد سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم من سرعاتها الفائقة وموثوقيتها المتزايدة. ومع تحول الشبكات التي تعتمد عليها التجارة العالمية نحو الرقمية، أصبحت تعتمد أكثر من أي وقت مضى على قدرات نقل البيانات عالية السرعة وسرعات تقنية 5G لتعمل بكفاءة. كلما زاد مستوى الرقمنة والأتمتة في سلسلة التوريد، زادت القدرة على الاستفادة من تقنية 5G لتعزيز الكفاءة، وتقليل التكاليف، وزيادة الأمان.

اليوم، تُستخدم خدمة 5G بالفعل في المطارات، والموانئ، ومحطات القطارات، وغيرها من المراكز اللوجستية الأساسية للبنية الأساسية لسلسلة التوريد، لكن إمكاناتها لم تُستغل بعد بشكل كافٍ. من المتوقع قريبًا أن تؤدي اتصالات 5G دورًا أكبر في تحسين تجربة كل من الموظفين والعملاء. تشمل البرامج التي تُختبر حاليًا أجهزة إنترنت الأشياء (IOT)، مثل مستشعرات الرفوف التي تعرف متى ينفد المخزون وتعيد طلبه تلقائيًا، وإتمام عمليات الدفع من دون صراف، وكاميرات عالية الدقة وطائرات مسيرة لتحل محل حراس الأمن.

الشبكات اللاسلكية الثابتة

يمكن أن يساعد مفهوم "الاتصالات اللاسلكية الثابتة"—وهو اتصال بالإنترنت يوفر تجربة لاسلكية سلسة في المنازل أو الشركات عبر الموجات الراديوية بدلاً من الكابلات أو الألياف—في توفير الإنترنت بتكلفة منخفضة لعدد أكبر من الأشخاص والأماكن. في النظام البنائي الثابت لتقنية 5G، يُركّب هوائي على المنزل أو مكان العمل يتصل بأقرب جهاز إرسال 5G. يمكن لشبكات 5G اللاسلكية الثابتة توفير نفس السرعات والاتصال والموثوقية التي توفرها اتصالات الألياف أو الكابلات، لكن بتكلفة أقل بكثير.

وفقًا لمدونة حديثة صادرة عن البنك الدولي، فإن توفير الاتصال بالإنترنت—وبشكل خاص الوصول اللاسلكي—يساعد في انتشال الملايين من براثن الفقر كل عام. قد تكون تقنية 5G التي يمكن أن توفر نفس الفوائد بتكلفة أقل بكثير لملايين الأشخاص نقطة تحول كبيرة، تجلب مزايا الاتصال بالإنترنت إلى المجتمعات التي عانت من نقصه لسنوات.

المدن الذكية

ربما لا توجد بيئة أخرى على استعداد للتغيير بمقدار ما ستتغير به المراكز الحضرية المزدحمة بسبب اتصالات 5G، حيث أدت حركة المشاة والسيارات على مر الزمن إلى الازدحام وتلوث الهواء والضجيج. تساعد تقنية 5G المدن حاليًا في تحسين تدفق حركة المرور وجودة الهواء من خلال المستشعرات المتصلة عبر إنترنت الأشياء (IOT)، لكن من المحتمل أن يشهد المستقبل المزيد من الابتكارات في هذا المجال.

أحد أكبر المجالات التي يمكن أن تستفيد منها المدن الذكية من تقنية 5G هي قدراتها في الذكاء الاصطناعي. تُختبر حاليًا برامج تهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي المدعوم بتقنية 5G للمساعدة في مجموعة متنوعة من المجالات، من إدارة الطاقة بشكل أذكى إلى توجيه مكالمات الطوارئ. في فيينا، يساعد WienBot، وهو روبوت المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي (محتوى الرابط موجود خارج موقع ibm.com)، المستخدمين في حل مشكلات بسيطة مثل العثور على أقرب نافورة للشرب أو مكان لتناول العشاء أو حتى مهام أكثر تعقيدًا مثل تجديد جواز السفر والحصول على تأشيرات السفر.

حوسبة الحافة والذكاء الاصطناعي

أخيرًا، تُعد حوسبة الحافة—وهي إطار حوسبة يعتمد بشكل كبير على تقنية 5G لإجراء الحسابات بالقرب من مصادر البيانات—مهيأة لمساعدة الشركات في تحقيق تحكم غير مسبوق في بياناتها واستخراج المعارف بشكل أسرع مما كان عليه الأمر سابقًا. أحد المجالات التي تتمتع فيها حوسبة الحافة بفرص نمو كبيرة هو الحوسبة السحابية، حيث تتطلب تقنيات الذكاء الاصطناعي كميات كبيرة من الطاقة للتعامل مع البيانات الموكلة إليها للتحليل. في هذا السياق، يُعد اتصال 5G وموثوقيته عنصرًا أساسيًا لتحقيق القيمة للشركة. على سبيل المثال، يتطلب إرسال البيانات من نقطة إلى أخرى في تطبيق محادثة أو تمويل شخصي مزيدًا من الطاقة والموارد، وهو أمر غير ضروري إذا تم تحليل البيانات في مصدرها.

سرعان ما قد تصبح حوسبة الحافة قادرة على جعل تحليل الذكاء الاصطناعي في الوقت الفعلي لكميات ضخمة من البيانات حقيقة ملموسة، بدءًا من تطبيقات اللياقة والصحة إلى المركبات التي تُدار عن بُعد مثل الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار. نظرًا لإمكاناتها، أصبح الاعتماد على حوسبة الحافة المدعومة بتقنية 5G بسرعة المعيار في معالجة بيانات المؤسسات. وفقًا للمستند الفني هذا الصادر عن Gartner (محتوى الرابط موجود خارج موقع ibm.com)، بحلول عام 2025، ستتم معالجة 75% من بيانات المؤسسة على الحافة (مقارنة ب 10% فقط اليوم).

حلول 5G مع IBM Cloud Satellite

قبل أن تتمكن الشركات من الاستفادة من جميع الاحتمالات المحتملة التي يحملها مستقبل تقنية 5G، فإنها تحتاج إلى منصة مصممة لذلك. يتيح IBM Cloud Satellite لك نشر التطبيقات وتشغيلها باتساق على مستوى البيئات المحلية وبيئات حوسبة الحافة وبيئات السحابة العامة على شبكة 5G. ويتم تمكين كل ذلك من خلال اتصالات آمنة وقابلة للتدقيق داخل سحابة IBM Cloud.

المؤسس

Mesh Flinders

Author, IBM Think