يشير الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع السيارات إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على إنشاء التصاميم، والتعليمات البرمجية، والمحتوى، أو عمليات المحاكاة. ويساعد هذا النهج شركات صناعة السيارات على تسريع وتيرة التطوير، وتخصيص التجارب، وتحسين العمليات عبر دورة حياة المركبة بأكملها.
وكشف استطلاع حديث أجرته شركة McKinsey بين التنفيذيين في قطاع السيارات والتصنيع أن أكثر من 40% من المشاركين يستثمرون ما يصل إلى نحو 6 ملايين دولار أمريكي في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي. وأفاد أكثر من 10% من المشاركين بأنهم يستثمرون ما يزيد على 23 مليون دولار أمريكي.1
تدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) مجموعة واسعة من التطبيقات في صناعة السيارات، بما في ذلك التحليلات التنبؤية وإمكانات القيادة الذاتية. تسلط هذه الصفحة الضوء على الذكاء الاصطناعي التوليدي وتأثيره المتنامي في تصميم المركبات، والهندسة، وتجربة العملاء.
وعلى نطاق أوسع، يشير الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على إنتاج محتوى أصيل — مثل النصوص، أو الصور، أو الفيديو، أو البرمجيات — بالاعتماد على الأنماط التي تعلّمتها من مجموعات بيانات ضخمة.
ويستند الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تقنيات متقدمة من التعلّم الآلي (ML)، وخاصة التعلّم العميق، الذي يحاكي الطريقة التي يتعرّف بها الدماغ البشري على المعلومات ويعالجها. كما تعتمد العديد من الأنظمة التوليدية على النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، مما يمكّنها من فهم الموجّهات وتوليد نصوص تُشبه تواصل البشر.
تتعلّم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي كيفية التنبؤ بالمحتوى الذي يجب أن يظهر لاحقًا. وتشمل المجالات الأكثر استخدامًا لهذه النماذج حاليًا: تطوير المنتجات، وتعزيز مشاركة العملاء، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتحديث التقنيات.2
في قطاع السيارات، يُعيد الذكاء الاصطناعي التوليدي تشكيل الطريقة التي تُتَصوَّر وتُبنى بها المركبات. فالمصمّمون بات بإمكانهم إدخال رسومات أولية أو قيود تقنية إلى أدوات الذكاء الاصطناعي، التي تنتج تصورات بصرية مكتملة، وتقترح أشكالًا ديناميكية هوائية، أو تحسينات هيكلية — وكل ذلك بسرعة تفوق الطرق التقليدية بكثير. وتجسّد هذه المخرجات القائمة على الذكاء الاصطناعي الطابع التكراري لتصميم المركبات الحديثة. كما تستطيع العديد من الأدوات محاكاة اختبارات الاصطدام، وتدفّق الهواء، والظروف المناخية بشكل افتراضي، مما يقلل الحاجة إلى النماذج الفيزيائية ويُسرّع دورة التطوير.
خلف الكواليس، يدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي فرق الهندسة والتصنيع. فهو يساعد مثلًا في تحديد أفضل المواد والتصاميم لتحقيق التوازن بين القوة والوزن. كما يُمكِّن من اكتشاف مشكلات الجودة على خطوط الإنتاج باستخدام رؤية الكمبيوتر، وتحسين تخطيط سلاسل التوريد عبر التنبؤ بالاضطرابات وإدارة المخزون بدقة أكبر. وتُسهم هذه التطبيقات في تقليل الأخطاء والكشف عن الثغرات الخفية في عمليات الإنتاج.
أفاد 75% من التنفيذيين في صناعة السيارات أن التجربة المُعرَّفة بالبرمجيات ستُصبح جوهر قيمة العلامة التجارية بحلول عام 2035.3 ويُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي حاليًا في تطوير البرمجيات لدى شركات السيارات لكتابة التعليمات البرمجية، ومراجعتها، وإعادة هيكلتها، خصوصًا في الأنظمة المضمنة التي تُشغّل ميزات السلامة وأنظمة المعلومات والترفيه.
وتعتمد أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي على نماذج وخوارزميات تعلم لتبسيط عملية التطوير وتوفير الوقت في مهام مثل إعداد الوثائق، وبناء النماذج الأولية، والتحقق من الامتثال. لكن دمج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الحرجة للسلامة يتطلّب عمليات تحقق صارمة وإشرافًا بشريًا متخصصًا.
يُعيد الذكاء الاصطناعي التوليدي كذلك صياغة أسلوب تواصل شركات السيارات مع العملاء المحتملين والحاليين. فبالنسبة للمشترين المحتملين، يستطيع الذكاء الاصطناعي إنتاج محتوى مخصص يغطي رحلة الشراء كاملة — بدءًا من الإعلانات المستهدفة، وصولًا إلى الصفحات المخصّصة. وتعمل علامات تجارية مثل Mercedes-Benz وBMW على استكشاف مثل هذه الاستخدامات لتخصيص التسويق وتحسين وصولها إلى العملاء.
داخل السيارة، يعزّز الذكاء الاصطناعي التوليدي تجربة القيادة نفسها. فالمساعدات الرقمية المدمجة تتعلم تفضيلات السائق وتضبط تلقائيًا المسارات، والمناخ الداخلي، وخيارات الترفيه. فعلى سبيل المثال، دمجت Mercedes-Benz منصة ChatGPT في أكثر من 900 ألف مركبة ضمن برنامج تجريبي، لتقديم تفاعلات صوتية أكثر تطورًا وتخصيصًا.4 بعض الأنظمة قادرة حتى على إنشاء تجارب بصرية أو سمعية غامرة، مخصّصة لتلبية تفضيلات كل راكب على حدة.
وخارج المركبة، تُسهم روبوتات المحادثة والمساعدات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة العملاء. فهي تجيب عن الاستفسارات، وتقدّم توصيات بخيارات التمويل، ,وتحدد مواعيد الصيانة. كما تُبسّط هذه الأدوات التفاعلات عبر المواقع الإلكترونية والتطبيقات وأنظمة الوكلاء.
ويدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي كذلك أنظمة الصيانة التنبؤية، حيث يراقب بيانات المركبة في الوقت الفعلي لتنبيه السائق قبل تعطل أي جزء، مما يقلّل من فترات التوقف ويبني ثقة طويلة الأمد.
لقد انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي من طور التجريب إلى التنفيذ الفعلي في عالم السيارات؛ فهو يُبسّط العمليات، ويفتح آفاقًا جديدة للأفكار، ويتيح استجابات أسرع وأكثر تكيُّفا. ومع تطور الصناعة، أصبحت هذه التقنية عنصرًا محوريًا في كيفية تصميم المركبات وتطويرها وتسليمها.
النشرة الإخبارية الخاصة بالمجال
ابقَ على اطلاع دومًا بأهم—اتجاهات المجال وأكثرها إثارة للفضول—بشأن الذكاء الاصطناعي والأتمتة والبيانات وغيرها الكثير مع نشرة Think الإخبارية. راجع بيان الخصوصية لشركة IBM.
سيتم تسليم اشتراكك باللغة الإنجليزية. ستجد رابط إلغاء الاشتراك في كل رسالة إخبارية. يمكنك إدارة اشتراكاتك أو إلغاء اشتراكك هنا. راجع بيان خصوصية IBM لمزيد من المعلومات.
تأتي أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي من توافقه مع التحول الذي يشهده قطاع السيارات نحو نظام بنائي قائم على البرمجيات ومتمحور حول العميل.
ومع انتقال الصناعة من الهندسة الميكانيكية إلى العمليات الرقمية والقائمة على البيانات، يتنامى دور الذكاء الاصطناعي التوليدي كعامل تمكين استراتيجي يساعد الشركات على التحرك بسرعة أكبر. كما يُتيح تخصيصًا أعمق، ويُطلق القيمة الكامنة في الأنظمة المتزايدة التعقيد. يساعد الذكاء الاصطناعي على إدارة هذا التعقيد من خلال تسريع كل شيء — بدءًا من توليد التعليمات البرمجية وصولًا إلى عمليات المحاكاة
فعلى سبيل المثال، وجدت شركة McKinsey أن دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في بيئات التطوير يمكن أن يقلّل الوقت المستغرق في مهام البرمجة مثل الكتابة والترجمة والتوثيق بما يصل إلى 40%.1 وهذا يمكّن الشركات من توسيع طموحاتها الرقمية بكفاءة، والحصول على ميزة تنافسية في السرعة والتكلفة والابتكار.
يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي في إعادة ابتكار السيارة — ليس فقط كمنتج، بل كخدمة وتجربة. فالمركبات الكهربائية، والمركبات الذاتية القيادة، وحلول الاتصال، تُعيد جميعها تعريف مفهوم التنقل. ويتيح الذكاء الاصطناعي التوليدي لشركات صناعة السيارات التكيّف بسرعة، حيث يدعم تجارب مخصّصة داخل المركبة، ودورات تصميم أقصر، وخدمات عملاء أكثر ذكاءً تبدو أقرب للتفاعل البشري — وكل ذلك مدفوع بالتطورات المتسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي. مثل هذا التكيف في الوقت الفعلي كان شبه مستحيل تنفيذه على نطاق واسع قبل بضع سنوات فقط.
وفي هذا السياق، لا يُعد الذكاء الاصطناعي التوليدي مجرد أداة، بل هو عامل مضاعف للقوة. فهو يمكّن الشركات المصنّعة القديمة من منافسة شركات التقنية المرنة. كما يمنح الشركات الناشئة وسيلة لدخول سوق السيارات برأسمال أقل. ومع تحول الصناعة نحو البرمجيات، تزداد أهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي. فهو يحافظ على القدرة التنافسية، ويلبي توقعات العملاء المتزايدة، ويتيح ابتكار مركبات ونماذج أعمال جديدة.
تقود الشركات الكبرى هذا التحوّل. فعلى سبيل المثال، تستثمر Microsoft بكثافة في أدوات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) والنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) الخاصة بقطاع السيارات. كما تتعاون AWS مع BMW وToyota في منصات المركبات المتصلة والمساعدات الصوتية. بينما يوفّر نظام Android Automotive OS من Alphabet تكاملًا مع Google Assistant للتحكم الصوتي في أنظمة المعلومات والترفيه والملاحة.
أبرز حالات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع السيارات:
يضطلع الذكاء الاصطناعي التوليدي بدورٍ متنامٍ في تعزيز أنظمة مساعدة السائق المتقدمة من خلال تحسين قدرة المركبات على تفسير محيطها. ومن المتوقع أن يُقلّل أعباء اختبار ومحاكاة المركبات المُعرَّفة بالبرمجيات (SDVs) بما يقارب 40% خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يُحسّن كفاءة تطوير الأنظمة الذاتية.5
ومن خلال التدريب على مجموعات ضخمة من الصور، يستطيع الذكاء الاصطناعي التوليدي اكتشاف الأجسام والتعرّف عليها وتتبعها بدقة، مثل المشاة، والمركبات، وإشارات المرور، في الوقت الفعلي. كما يتيح تطبيق التجزئة الدلالية (Semantic segmentation)، ما يساعد أنظمة ADAS على فهم عناصر الطريق المختلفة والتمييز بينها مثل المسارات، والأرصفة، واللافتات. وتدعم هذه القدرات ميزات السلامة مثل التنبيه بالاصطدام، والتحذير عند مغادرة المسار، والكبح في حالات الطوارئ — مما يجعل القيادة أكثر أمانًا وقابلية للتنبؤ.
فعلى سبيل المثال، تبني شركة BMW نظامًا جديدًا لمساعدة السائق في مركباتها من طراز Neue Klasse 2025 باستخدام خدمات Amazon Web Services (AWS). ويستخدم هذا النظام أدوات قائمة على السحابة، من بينها الذكاء الاصطناعي التوليدي، لتعزيز السلامة وإضافة وظائف جديدة.6
يُعيد الذكاء الاصطناعي التوليدي تشكيل طريقة التفاعل بين السائقين والوكلاء ومراكز الخدمة ليصبح أكثر سهولة وتخصيصًا وكفاءة. فبدلًا من الانتظار الطويل على الهاتف أو البحث في كتيبات الاستخدام، يحصل السائقون على دعم ذكي وفي الوقت الفعلي من أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
في وكالات البيع ومراكز خدمة الشركات المصنّعة للمعدات الأصلية (OEMs)، يتولى وكلاء افتراضيون مدعومون بالذكاء الاصطناعي التوليدي التعامل مع مواضيع مثل توصيات المركبات، وأسئلة التمويل، وجدولة الصيانة. وتستطيع هذه المساعدات فهم اللغة الطبيعية (NLP)، والاستجابة على الفور، وتكييف نبرة الرد ودرجة التفصيل وفق نية العميل. وبذلك تتحسن تجربة العملاء، وتنخفض تكاليف الدعم في الوقت نفسه.
كما يُحوّل الذكاء الاصطناعي التوليدي كتيبات السيارات التقليدية إلى أدلة تفاعلية قائمة على المحادثة، حيث يمكن للسائق أن يطرح سؤالًا محددًا ويحصل على إجابة دقيقة خاصة بمركبته، دون الحاجة للبحث في صفحات وثائق المركبة.
أما في حالة المساعدة على الطريق، فيُمكّن الذكاء الاصطناعي التوليدي الوكلاء من تحليل بيانات المركبة أو تفسير وصف السائق للعطل، ما يُسهّل تحديد المشكلات بسرعة ودقة. هذا النهج يُسرّع الحل، ويُقلل من مكالمات الخدمة غير الضرورية، ويحسّن خطط صيانة الأساطيل.
كما تساعد البيانات المستخلصة من هذه التفاعلات الشركات المصنّعة على فهم المشكلات المتكررة وتحسين تصاميم المركبات المستقبلية، بما يعزز الثقة بين العلامة التجارية والسائقين.
يُنتج الذكاء الاصطناعي التوليدي توائم رقمية دقيقة للمركبات، وخطوط الإنتاج، وبيئات المرور. وتُتيح هذه النماذج الافتراضية إجراء آلاف الأميال من اختبارات القيادة الرقمية، بما في ذلك سيناريوهات استثنائية مثل عبور المشاة المفاجئ أو الظروف المناخية القاسية. ويمثل ذلك قيمة كبرى في تدريب واعتماد برمجيات القيادة الذاتية، حيث يقلل من الاعتماد على الاختبارات الواقعية وحدها.
في بيئات الإنتاج، يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي في التنبؤ باحتياجات سلسلة التوريد، واكتشاف الاضطرابات المحتملة وتحسين المخزون. يُتيح الذكاء الاصطناعي التوليدي تتبّع المواد وإدارتها في الوقت الفعلي لضمان توافر القطع الصحيحة في الوقت المناسب وتفادي أي تأخيرات في عمليات التصنيع.
كما يُعزّز الرقابة على الجودة من خلال تحليل الصور أو بيانات الحسّاسات لاكتشاف العيوب على خط التجميع. وتُسهِم هذه القدرات في تبسيط عمليات التصنيع مع تقليل الهدر وخفض التكاليف.
تستخدم شركات السيارات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج محتوى فائق الاستهداف على نطاق واسع، بدءًا من الإعلانات المرئية المخصّصة والصفحات المقصودة، وصولًا إلى الكتيّبات المحلية للمركبات. ويدعم جهود التوطين من خلال ترجمة المواد وتكييفها لمناطق أو شرائح سكانية مختلفة، مع تخصيص الرسائل لملفات العملاء الفردية. وهذا يتيح تسويقًا أسرع وأكثر صلة عبر الأسواق العالمية.
كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين استراتيجيات التسعير بناءً على سلوك العملاء. فعلى سبيل المثال، تعتمد Toyota وFord على هذه الأدوات لتخصيص الرسائل لمختلف شرائح العملاء.
ويتوقع التنفيذيون في قطاع السيارات تحقيق مكاسب إنتاجية بنسبة 7% في دعم العملاء وتحسنًا بنسبة 5% في الميزانيات التسويقية العامة ومؤشرات اكتساب العملاء بفضل دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي.5
تُتيح روبوتات المحادثة والمساعدات الصوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي تفاعلات تكيفية شبيهة بتفاعلات البشر بين الركاب والمركبة. فهذه المساعدات تفهم السياق والنية، وتستجيب للأوامر الصوتية، وتتفاعل مع السائق بطريقة حوارية. وبذلك يمكن للسائقين البقاء مركزين على الطريق أثناء تفعيل أنظمة الملاحة، وتشغيل الموسيقى، وإرسال الرسائل، والتحكم في وظائف المركبة الأخرى باستخدام أصواتهم.
ويدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا أنظمة المعلومات والترفيه الديناميكية، التي تُنظّم الترفيه بحسب الحالة المزاجية والموقع. كما تُدمج أدواته في ميزات ذكية لضبط المناخ الداخلي والإضاءة وتفضيلات الملاحة تلقائيًا. وتُعد هذه القدرات خطوة نحو التخصيص الفائق والتنقّل المُعرَّف بالبرمجيات، مما يحسّن تجربة الاستخدام ويجعل المركبة أقرب إلى رفيق رقمي منها إلى آلة ميكانيكية.
باستخدام التليماتية (Telematics) — وهي التقنية التي تجمع بيانات المركبة عبر نظام تحديد المواقع (GPS) وأنظمة التشخيص المدمجة — وبالاستعانة ببيانات الحسّاسات في الوقت الفعلي، تستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي التنبؤ بموعد تعطل أحد المكونات قبل وقوع المشكلة. يساعد ذلك على تقليل فترات التوقف وإطالة العمر التشغيلي للمركبة. كما يُسهّل الذكاء الاصطناعي التوليدي إدارة أساطيل المركبات.
إذ يُنتج تنبيهات خدمة مخصّصة، ويُحلل بيانات المركبات لدعم اتخاذ قرارات أكثر دقة، بل ويوصي بأفضل وقت ومكان لإجراء الإصلاحات. وتتكامل هذه القدرات بشكل متزايد مع أنظمة التحديثات عبر الهواء (OTA). فعلى سبيل المثال، تستخدم مركبات Tesla أنظمة تشخيص مدعومة بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف العلامات المبكرة لمشكلات البطارية أو المحرك.
يُؤتمت الذكاء الاصطناعي التوليدي مكونات رئيسية من تطوير برمجيات المركبات، وخاصة الأنظمة المضمنة مثل أنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS)، وأنظمة المعلومات والترفيه، وإدارة البطارية. فهو قادر على كتابة التعليمات البرمجية، وإعادة هيكلتها، وتوثيقها، بالإضافة إلى توليد حالات اختبار وصياغة متطلبات تقنية.
وأظهر استطلاع أجرته McKinsey أن دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في عمليات ضمان جودة البرمجيات يُمكن أن يُحسّن الإنتاجية بنسبة 44%، من خلال إنشاء الاختبارات وأتمتتها لتعزيز الكفاءة وموثوقية التعليمات البرمجية.1
وتُسرّع هذه القدرات عملية التطوير بشكل كبير، مع تبسيط مهام سير العمل الخاصة بالبرمجيات، وتقليل العبء عن المهندسين. مع ذلك، لا تزال معظم الأنظمة بحاجة إلى عمليات تحقق صارمة للامتثال لمعايير السلامة.
تستخدم شركات تصنيع السيارات الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج أدلة تدريبية، وإرشادات للصيانة، ووثائق تقنية للموظفين. تُبسّط هذه الأدوات الإجراءات المعقدة، وتُحاكي أسئلة الدعم الواقعية، وتُوطّن المحتوى بسرعة. ويساعد ذلك موظفي الخطوط الأمامية على مواكبة التقنيات المتطورة للمركبات، مثل المركبات الكهربائية (EVs) والمركبات المتصلة.
يُعيد الذكاء الاصطناعي التوليدي تشكيل تصميم المركبات من خلال مساعدة المهندسين على استكشاف هياكل أكثر كفاءة وابتكارًا. فبإدخال قيود مثل الوزن، ونوع المواد، ومتطلبات السلامة، يمكن للفرق توليد تصاميم محسّنة — غالبًا ما تكون أخف وزنًا، أو أقوى، أو أقل تكلفة من تلك التي يصممها البشر. يشمل ذلك تحسين الطوبولوجيا (Topology optimization) (تحسين توزيع المواد والبنية داخل مساحة تصميم ثلاثية الأبعاد محددة)، واستراتيجيات تقليل الوزن، والمكونات المطبوعة ثلاثية الأبعاد. كما تُسرّع هذه الأدوات التجارب الافتراضية، مما يجعل تطوير النماذج الأولية أسرع وأقل تكلفة، مع دعم أهداف الاستدامة.
وقد جرى سابقًا توضيح بعض فوائد الذكاء الاصطناعي التوليدي في صناعة السيارات مثل دورات التصميم الأقصر، وتطوير البرمجيات بكفاءة أعلى، وتجارب القيادة المخصّصة داخل المركبة. وتُظهر هذه الأمثلة كيف يمكن لهذه التقنية تسريع مهام سير العمل، وخفض التكاليف، وتحسين تجربة العملاء.
وبالإضافة إلى تلك الجوانب، يقدّم الذكاء الاصطناعي التوليدي مزايا أوسع وأكثر تقدمًا.
ويتعين على الشركات المصنعة أن تتبع نهجًا استراتيجيًا ومنظمًا لإطلاق الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي التوليدي في صناعة السيارات.
ويقول 65% من التنفيذيين في الشركات المصنّعة للمعدات الأصلية (OEMs) إن لديهم نهجًا واضحًا لدمج الذكاء الاصطناعي في استراتيجية الابتكار طويلة الأمد. كما يقول 79% منهم إن القيادة العليا تدعم بقوة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.5
تشمل بعض أفضل الممارسات التي تساعد على ضمان تنفيذ آمن وقابل للتوسع وقائم على القيمة للذكاء الاصطناعي التوليدي ما يلي:
التركيز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تعالج احتياجات محددة في قطاع السيارات، مثل توليد البرمجيات، أو تحسين تصميم المركبة، أو دعم العملاء. وتشير شركة McKinsey إلى أن المؤسسات تنجح من خلال "اختيار حالات الاستخدام المناسبة للذكاء الاصطناعي التوليدي"، بما يوازن بين الأثر وإمكانية التنفيذ.1
يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي المساعدة في تبسيط كل مرحلة من مجموعة البرمجيات في صناعة السيارات، بدءًا من الأنظمة المضمنة مثل إدارة البطارية، وصولًا إلى الأنظمة المتقدمة مثل المعلومات والترفيه أو أنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS). وتستطيع الفرق استخدامه لصياغة المتطلبات الوظيفية، وتصميم مخططات معمارية لشبكات وحدات التحكّم الإلكترونية (ECUs)، وكتابة التعليمات البرمجية المدمجة ومراجعتها، وإنشاء وثائق متوافقة مع معايير السلامة. إن دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في دورة الحياة يعزز السرعة وقابلية التتبع في بيئة تطوير تخضع لتنظيم شديد.
تتطلب النماذج التوليدية بيانات تدريب عالية الجودة وبنية تحتية خاصة بالتعلّم الآلي (ML) لتكون فعّالة، وخاصة عند استخدامها في الصيانة التنبؤية، أو المحاكاة، أو تخصيص المركبات. ومن المهم الحصول على مجموعات بيانات نظيفة وموصوفة بدقة من مجالات مثل دمج بيانات الحسّاسات، وتشخيص المركبات، وتفاعلات العملاء.
يفرض الذكاء الاصطناعي التوليدي الحاجة إلى مسارات عمل جديدة، وهياكل تعاونية، وكفاءات رقمية متخصصة. وستحتاج الشركات المصنّعة للمعدات الأصلية (OEMs) والمورّدون من المستوى الأول (Tier 1 suppliers) إلى الاستثمار في تطوير مهارات المهندسين الذين يعملون على أنظمة مثل ADAS، أو الأمن الإلكتروني، أو تصميم واجهات التفاعل بين الإنسان والآلة (HMI)، من أجل فهم مخرجات الذكاء الاصطناعي التوليدي والإشراف عليها بمسؤولية.
وتشدد McKinsey على أهمية تكييف نماذج التشغيل وتطوير مهارات الموظفين للنجاح في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، وخاصة في البرمجيات الحيوية للسلامة.1
في قطاع السيارات، ولا سيما في الأنظمة المدمجة (Embedded systems) وأنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS)، تُعد عمليات التحقق الصارمة وعمليات المراجعة بإشراف بشري عناصر أساسية. ويجب أن يتوافق دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي مع الإرشادات التنظيمية مثل المعيار الدولي ISO 26262 الخاص بالأنظمة الكهربائية والإلكترونية في المركبات على الطرق، بالإضافة إلى معايير السلامة الداخلية.
ويتعين تصميم حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي على بنية تحتية سحابية آمنة وقابلة للتوسع. وتوفر منصات مثل AWS وAzure، إلى جانب الحلول المخصصة، المرونة المطلوبة. كما أن تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بطريقة معيارية يُسهل دمجها مع بيئات تطوير السيارات الحالية، مثل أدوات التصميم القائم على النماذج أو أنظمة إدارة دورة حياة المنتج (PLM). ويتيح هذا النهج المستقبلي إجراء ترقيات لاحقة دون تعطيل سلسلة تطوير البرمجيات بأكملها.
وفي صناعة السيارات، لا يكفي الاقتصار على تتبع الإنتاجية وحدها. إذ يمكن أن تشمل مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) — على سبيل المثال — الوقت الموفر في معايرة وحدات التحكّم الإلكترونية، أو دقة تقارير التشخيص المولَّدة برمجيًا، أو انخفاض عدد طلبات الدعم الفني لدى الوكلاء. وتساعد هذه المقاييس الفرق على تحديد كيفية ومكان نشر أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بفعالية.
1 From engines to algorithms: Generative AI in automotive software development, McKinsey & Company, 3 January 2025.
2 The generative AI opportunity for the auto industry,© Copyright IBM Corporation 2024.
3 Automotive 2035, IBM Institute for Business Value (IBV), 10 December 2024.
4 Mercedes-Benz takes in-car voice control to a new level with ChatGPT , Mercedes-Benz press release, 15 June 2023.
5 Automotive in the AI Era, IBM Institute for Business Value (IBV), originally published 14 April 2025.
6 The BMW Group Selects AWS to Power Next-Generation Automated Driving Platform, BMW Group press release, 5 September 2023.