الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل

رجل على مكتب محاط بشاشات كمبيوتر يضبط خادمًا

المؤلفون

Molly Hayes

Staff Writer

IBM Think

Amanda Downie

Staff Editor

IBM Think

يمثل دمج الذكاء الاصطناعي (AI) في مكان العمل أحد أبرز التحولات التكنولوجية التي شهدتها الأجيال. وهذا التحول لا يُعيد تشكيل طريقة العمل فقط، بل يُعيد أيضًا تعريف معنى العمل في القرن الحادي والعشرين، ويمهِّد لعصر من الشراكة بين الإنسان والآلة يُعيد رسم ملامح مكان العمل الحديث.

يُعَد التحول نحو أماكن عمل مدعومة بالذكاء الاصطناعي ومبنية على البيانات استجابةً لفترة من عدم اليقين، حيث فرض كل من النقص العالمي في المهارات والتحول إلى العمل عن بُعد عقب جائحة كوفيد ضرورة تركيز المؤسسات التنافسية على تجربة الموظفين.

في الوقت نفسه، أصبحت المؤسسة المتوسطة تُدير كميات من البيانات تفوق بكثير ما كانت عليه في العقود السابقة، وكان معظمها صعبًا على أي فرد أن يفسِّره بمفرده. يمكن أن يُسهم النشر الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي عبر المؤسسة في التخفيف من بعض هذه التحديات، وذلك من خلال توفير تجارب مخصصة للموظفين، ومساعدة الشركات على استخلاص رؤى قابلة للتنفيذ من بياناتها. 

نظرًا لما تحمله هذه التقنية من وعود كبيرة، تبنَّت الشركات عبر مختلف القطاعات أدوات الذكاء الاصطناعي خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا: بدءًا من تقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي المبكرة، ومرورًا بالذكاء الاصطناعي التوليدي، ووصولًا إلى وكلاء الذكاء الاصطناعي المستقلين مؤخرًا. ستُسهم الوتيرة السريعة للتقدم التكنولوجي في إعادة تشكيل المشهد المؤسسي على المستويين التقني والثقافي. فبينما كانت التقنيات الجديدة سابقًا من اختصاص أقسام تكنولوجيا المعلومات فقط، أصبحت الثقافة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ضرورة متزايدة في مختلَف الأدوار الوظيفية. 

أحدث الأخبار التقنية، مدعومة برؤى خبراء

ابقَ على اطلاع دومًا بأهم—اتجاهات المجال وأكثرها إثارة للفضول—بشأن الذكاء الاصطناعي والأتمتة والبيانات وغيرها الكثير مع نشرة Think الإخبارية. راجع بيان الخصوصية لشركة IBM.

شكرًا لك! أنت مشترك.

سيتم تسليم اشتراكك باللغة الإنجليزية. ستجد رابط إلغاء الاشتراك في كل رسالة إخبارية. يمكنك إدارة اشتراكاتك أو إلغاء اشتراكك هنا. راجع بيان خصوصية IBM لمزيد من المعلومات.

لكن نظرًا للصعود السريع للذكاء الاصطناعي، يواجه بعض قادة الأعمال صعوبة في التكيُّف. على سبيل المثال، كشف استطلاع حديث أجراه معهد IBM Institute for Business Value أن معظم التنفيذيين يتوقعون أن يُحدِث الذكاء الاصطناعي تغييرات جوهرية في الجوانب الأساسية من أعمالهم. لكن نصفهم أفادوا بأن مؤسساتهم تستخدم تقنيات غير مترابطة بسبب وتيرة الاستثمارات الأخيرة، ما يعوقهم عن تحقيق القيمة الحقيقية لأدوات الذكاء الاصطناعي. كما أن ثقافة العمل لها دور محوري في نجاح التبني، حيث يعتقد أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين أن التغيير الثقافي أولى من معالجة التحديات التقنية في مسار تحويل البيانات.

وبغض النظر عن مدى جاهزية قادة الأعمال لتبنّي الذكاء الاصطناعي، أجمعت التوقعات على أن هذه التقنيات ستُعيد تشكيل سوق العمل العالمي. وفقًا لشركة الاستشارات الإدارية McKinsey، قد تتم أتمتة ما يصل إلى 30% من إجمالي ساعات العمل في الاقتصاد الأمريكي بحلول عام 2030، مع الحاجة إلى 12 مليون انتقال وظيفي في العام نفسه. وكما يقدِّر المنتدى الاقتصادي العالمي، فقد يتم فقدان نحو 85 مليون وظيفة حول العالم خلال السنوات القليلة المقبلة، إلا أن التقنيات الجديدة قد تُسهم في توفير ما يصل إلى 97 مليون وظيفة جديدة. باختصار، ستتغير المهارات التي يمتلكها العامل العادي بشكل جذري خلال السنوات العشر المقبلة.

وللاستعداد لهذه التحولات، تتبنى الشركات الاستباقية نهجًا شاملًا على مستوى النظام بأكمله في تبنّي الذكاء الاصطناعي. وبحسب تقرير حديث آخر صادر عن معهد IBM Institute for Business Value، تفوقت المؤسسات التي تطبِّق الذكاء الاصطناعي على مستوى العمليات، بدلًا من الاكتفاء بالتركيز على المهارات، على نظرائها بنسبة 44% في مؤشرات حيوية مثل الاحتفاظ بالموظفين ونمو الإيرادات. ويزداد تركيز قادة الأعمال على وضع نماذج جديدة لإدارة المواهب والتدريب بهدف تطوير كوادر مرنة ومهيأة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي. 

في خضم هذا التغيير الجوهري، يجب على الأطراف المعنية التعامل مع اللحظة الراهنة باعتبارها فرصة لتعزيز الإمكانات البشرية وبناء أنظمة أكثر مرونة. يتطلب الاستعداد لمستقبل الذكاء الاصطناعي تخطيطًا استراتيجيًا دقيقًا وتعزيز ثقافة تنظيمية قائمة على التغيير. 

أكاديمية الذكاء الاصطناعي

الاستعانة بالذكاء الاصطناعي من أجل توظيف وتطوير المواهب

هل ترغب في تحويل تحديات الموارد البشرية إلى فرص؟ اكتشف كيف تستخدم المؤسسات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في توظيف وتطوير المواهب التي تناسب احتياجات أعمالها.


تقنيات الذكاء الاصطناعي الرئيسية التي تُحدِث تحولًا في مكان العمل

يسيطر عدد قليل من التقنيات الرئيسية على مشهد الذكاء الاصطناعي في مكان العمل. وغالبًا ما تعمل هذه التقنيات معًا لأتمتة المهام المتكررة وتعزيز عملية صناعة القرار لدى الإنسان، ما يُتيح للموظفين التركيز على أعمال أكثر إبداعًا وقيمة. وتتمثل هذه التقنيات المركزية في: 

الذكاء الاصطناعي التوليدي

يعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على نموذج لغوي كبير ويستخدم التعلم الآلي لإنتاج محتوى جديد. هذه التقنية، التي أصبحت معروفة على نطاق واسع بفضل ChatGPT، تُنتج نصوصًا عالية الجودة، وتعليمات برمجية، ومحتوى جديدًا آخر. وبالمثل، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتوليد الصور بارعة في إنشاء المحتوى البصري.

وقد أدى دمج هذه الأنظمة إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متعددة الوسائط تجمع بسلاسة بين وظائف النصوص والصور والصوت والفيديو، ما يوفر مرونة استثنائية في إنشاء المحتوى ومعالجته. في سياقات الأعمال، ينفِّذ الذكاء الاصطناعي التوليدي عددًا هائلًا من المهام. في الاتصالات الخارجية، يُنشئ الذكاء الاصطناعي التوليدي حملات تسويقية مخصصة، ويترجم اتصالات خدمة العملاء من لغة إلى أخرى. وعلى المستوى الداخلي، يُنتج الذكاء الاصطناعي التوليدي تعليمات برمجية، ويقدِّم مواد تعليمية مخصصة للموظفين، ويلخِّص المحتوى ليسهُل على العاملين استيعابه.

مساعدو الذكاء الاصطناعي

يتفاعل مساعدو الذكاء الاصطناعي، الذين يجمعون بين الذكاء الاصطناعي التوليدي وتقنية الأتمتة، بذكاء مع المستخدمين بلغة طبيعية. ويتم استخدامهم على نطاق واسع في مكان العمل اليوم. تساعد هذه الأدوات، التي غالبًا ما تكون مدمجة في برامج الإنتاجية، على دعم عملية صناعة القرار والاستجابة السريعة لطلبات الحصول على البيانات أو غيرها من أنواع المحتوى.

كما يساهم المساعدون المخصصون لأغراض معينة على تبسيط بعض مهام سير العمل أو استبدالها بالكامل. على سبيل المثال، قامت مدينة هلسنكي مؤخرًا بدمج البيانات من عدة إدارات لإنشاء مساعد افتراضي. يساعد هذا المساعد السكان على الوصول إلى مجموعة من مقدمي خدمات الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية في أي وقت من اليوم، حيث يتعامل مع ما يصل إلى 300 عملية تواصُل يوميًا مع تدخل بشري محدود. يساعد هؤلاء المساعدون أيضًا الموظفين داخليًا، على سبيل المثال من خلال توفير بيانات العملاء السياقية بشكل فوري لمساعدة الوكلاء على التعامل السريع مع الأسئلة المعقدة. 

الذكاء الاصطناعي الوكيل

يمثِّل وكلاء الذكاء الاصطناعي والأنظمة المستقلة مجالًا متقدمًا آخر في مسار تحوُّل مكان العمل. تنفِّذ هذه الأنظمة مهامَّ معقدة بأقل قدر من الإشراف البشري، بدءًا من استخراج المعلومات ووصولًا إلى تنفيذ عمليات متعددة الخطوات بشكل مستقل. وعلى عكس روبوتات المحادثة البسيطة أو أشكال الذكاء الاصطناعي السابقة، تستدعي هذه الأنظمة مصادر بيانات خارجية وتحتفظ بالذاكرة مع مرور الوقت. تُتيح لها هذه الميزات تحسين أدائها بشكل جذري أثناء تطورها وتنفيذها للمهام المعقدة. يتم نشر ما يُعرَف باسم "العمال الرقميين" على نحو متزايد في مختلف الصناعات لتحقيق أهداف محددة بشكل استباقي. ففي بيئات الرعاية الصحية، يراقِب هؤلاء العمال الرقميون المؤشرات الحيوية للمرضى. وفي تطبيقات الموارد البشرية، يعملون على تحليل السير الذاتية والرد تلقائيًا على طلبات الموظفين. وفي خدمة العملاء، يفسِّرون مشكلات المستهلكين ويقدِّمون حلولًا.

أربعة طرق يغيِّر بها الذكاء الاصطناعي طبيعة العمل

يُحدِث الذكاء الاصطناعي تغييرًا جذريًا في كيفية إنجاز العمل والمهارات المطلوبة في الوظائف. وفيما يلي أربعة من أبرز التحولات في مشهد التوظيف:

زيادة إنتاجية المهام

تتولى الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتقنيات الأتمتة بشكل متزايد تنفيذ المهام الروتينية، بدءًا من معالجة الوثائق إلى التعامل مع الاستفسارات الأساسية للعملاء. تحرِّر هذه العملية العمال البشريين من الأنشطة المتكررة. باستخدام هذه الأدوات، يرتقي أداء العاملين من خلال تفويض بعض المهام للذكاء الاصطناعي، مع تركيز جهودهم على المجالات التي تُضيف فيها الخبرة البشرية أكبر قيمة.

تزداد سرعة إنجاز العمل بشكل كبير، حيث يتولى الذكاء الاصطناعي مهامَّ مستهلكة للوقت مثل تحليل البيانات أو مشاركة المعرفة الروتينية أسرع مما يمكن للبشر القيام به. بعد ذلك، يرتقي أداء العاملين بالتركيز أقل على تفاصيل التنفيذ وأكثر على أهداف الأعمال والتوجيه الإبداعي، ما يُتيح لهم التفكير بشكل أكثر إبداعًا واستراتيجية بينما تتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي عملية التنفيذ. 

تحويل سير العمل

في أماكن العمل المدعومة بالذكاء الاصطناعي، غالبًا ما يتم تقسيم المهام الفردية إلى مكونات منفصلة يمكن تخصيصها بشكل أمثل بين البشر والذكاء الاصطناعي. تتولى الأجهزة الافتراضية بعض المكونات، بينما تبقى أخرى بيد البشر، ما يؤدي إلى وجود بعض التحديات اللوجستية لكنه يوفر في النهاية فرصًا لعمليات عمل أكثر كفاءة وفاعلية. في هذه الترتيبات التعاونية، يقدِّم البشر السياق والحكم، بينما يتولى الذكاء الاصطناعي التعرُّف على الأنماط، وقدرات المعالجة، والتنفيذ. تستفيد مهام سير العمل الأكثر فاعلية من نقاط القوة التكميلية هذه، ما يحقق نتائج لا يمكن لأيٍّ منهما تحقيقها بشكل مستقل.

أحد التغيّرات المهمة للعمال البشريين هو الانتقال من دور الإنشاء إلى دور التنظيم والتوجيه. يقضي العاملون الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي وقتًا أقل في إنشاء المحتوى من الصفر، ووقتًا أكثر في مراجعة وتنقيح وتوجيه المخرجات التي يولّدها الذكاء الاصطناعي. يؤدي هذا التحول إلى تغيير المهارات المطلوبة للعديد من الأدوار، مع التركيز بشكل أكبر على التقييم النقدي، والفهم السياقي، والقدرة على توجيه أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل فعَّال. على سبيل المثال، من خلال دمج الأنظمة الذكية في أقسام الموارد البشرية، يتحول قادة الموارد البشرية من مدراء إداريين إلى رواد في تحسين تجربة الموظفين

يعكِس تطور توجيه الذكاء الاصطناعي كمهارة أساسية في مكان العمل هذا التغيير، إلى جانب الأهمية المتزايدة لمحو الأمية التكنولوجية، لا سيما في الوظائف الأمامية وغير التقنية. واليوم، أصبحت القدرة على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتوجيهها بشكل فعَّال ذات قيمة متزايدة في العديد من المهن. مع تحوُّل مهام سير العمل ومتطلبات المهارات هذه، تستثمر بعض المؤسسات في برامج تدريبية مخصصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الموظفين على التأقلم مع أدوارهم المستقبلية. 

إنشاء أدوار وظيفية جديدة

يؤدي دمج الذكاء الاصطناعي في مكان العمل إلى استحداث فئات وظيفية جديدة بالكامل، ومن المتوقع أن يُحدِث تحولات واسعة في سوق العمل. وفقًا لشركة McKinsey، لا توجد أدلة قاطعة على أن الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي ستقضي تمامًا على الوظائف، لكن الأبحاث تُشير إلى أن طبيعة الوظائف المتاحة قد تتغير.

من خلال التخطيط الاستراتيجي، يمكن إعادة استثمار الوفورات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي في أدوار جديدة، ما يعزز جاهزية المؤسسة للمستقبل. على سبيل المثال، في سوق العمل المستقبلي، قد يقضي ممثلو المبيعات وقتًا أقل بكثير في الرد على الاستفسارات الروتينية أو إعداد عروض تقديمية مخصصة من الصفر. لكن من المرجَّح أن يركّزوا بشكل أكبر على بناء علاقات وثيقة مع العملاء وتوسيع شبكة العلاقات، ما يُسهم في تعزيز ارتباطهم بعملية البيع.

من المرجح أن ينخفض الطلب على بعض فئات المهارات مع تزايد قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي. تتجه المهام الروتينية لمعالجة البيانات مثل إدخال البيانات، والتحليلات البسيطة، وإنتاج المحتوى البسيط نحو الأتمتة بشكل متسارع. والبحث البسيط وتجميع المعلومات معرضان أيضًا للأتمتة. لكن القدرات البشرية الفريدة ستزداد قيمتها، مثل حل المشكلات بطريقة إبداعية، والابتكار، والذكاء العاطفي، ومهارات التواصل. من المرجَّح أيضًا أن تزداد قيمة القدرة على اكتساب مهارات جديدة بسرعة أو التكيُّف مع الظروف المتغيرة.

في الوقت نفسه، من المرجَّح أن يتزايد الطلب في سوق العمل على مهارات تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب والمهارات التي تركِّز على الذكاء الاصطناعي. تقوم المؤسسات ذات الرؤية المستقبلية برسم خريطة للهياكل الوظيفية الحالية وتُولي اهتمامًا دقيقًا للمهارات التي سيحتاجها الموظفون مستقبلًا، استعدادًا للأدوار الوظيفية الجديدة.

تسريع وتيرة الابتكار

يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع الابتكار عبر مختلَف الصناعات من خلال تعزيز القدرات الإبداعية البشرية وكشف فرص كانت غير مرئية سابقًا. يُتيح التحليل القائم على البيانات، بسرعة ونطاق غير مسبوقَين، الوصول إلى رؤى يستحيل على البشر اكتشافها بمفردهم. يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من المعلومات لتحديد اتجاهات بحث واعدة أو فرص أعمال غير مستغلة. كما يمكنها المساعدة في عملية تخطيط القوى العاملة، من خلال تمكين الشركات الكبرى من تصنيف وتحليل المهارات الحالية لموظفيها.

من منظور إدارة المواهب، أثبتت تقنيات الذكاء الاصطناعي كفاءتها في مساعدة إدارات الموارد البشرية على تحديد المهارات التي قد يحتاجها الموظفون في المستقبل، وتعزيز مرونة المؤسسة بشكل عام. في مشهد الأعمال الجديد، قد تكون هذه القدرة على التكيُّف بنفس أهمية أي مجموعة مهارات أخرى. ومع التغيُّر السريع في متطلبات المهام، قد تصبح القدرة على التعلم المستمر والتكيف مع الأسواق المتغيرة أمرًا أساسيًا للنجاح المهني على المدى الطويل. وقد يكون العاملون المستقلون والمرنون في أسلوبهم أكثر قدرة على ابتكار حلول إبداعية للمشكلات القائمة.

يُتيح الانتقال نحو أدوار بشرية أكثر شمولًا وإبداعًا فتح المجال أمام الابتكار على مستوى أعلى، سواء من خلال الربط بين تخصصات مختلفة أو التعمق في مجالات المعرفة. تعمل المؤسسات الأكثر فاعلية على تصميم سير العمل بشكل مدروس لزيادة الوقت الذي يقضيه الموظفون في الأنشطة الإبداعية عالية القيمة.

أفضل الممارسات القيادية في عصر الذكاء الاصطناعي

إن دمج الذكاء الاصطناعي في مكان العمل يمنح قادة الأعمال فرصًا استراتيجية، لكن تصاحبه أيضًا تحديات إدارية. يتطلب اجتياز هذا التحول بنجاح نهجًا متعدد الأبعاد يعالج الجوانب التقنية والتنظيمية والبشرية في آنٍ واحد خلال مرحلة التحول نحو الذكاء الاصطناعي. توضِّح النقاط التالية بعضًا من أفضل الممارسات التي تساعد الشركات على التكيُّف وتحقيق النجاح على المدى الطويل.

اتِّباع نهج استراتيجي في التعامل مع الذكاء الاصطناعي

يُعَد وضع استراتيجية للذكاء الاصطناعي متوافقة مع أهداف العمل خطوة أولى أساسية. فبدلًا من تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل معزول، يحرص القادة الناجحون على تحديد مشكلات أو فرص أعمال محددة يمكن للذكاء الاصطناعي أن يضيف فيها قيمة حقيقية. تتضمن هذه العملية غالبًا إجراء تحليل شامل لبنية المؤسسة ومهام سير عملياتها بأكملها، إلى جانب الوظائف والمهارات الحالية، للحصول على رؤية شاملة للعوائق داخل المؤسسة. ومن خلال التركيز على حل المشكلات بدلًا من مجرد تبنّي تقنية جديدة، تضمن المؤسسات أن استثماراتها في الذكاء الاصطناعي تُلبي احتياجات حقيقية.

إنشاء بنية تحتية قوية للبيانات

يظل إنشاء بنية تحتية للبيانات تدعم قدرات الذكاء الاصطناعي من أولويات القيادة الأساسية. يتطلب تطوير الذكاء الاصطناعي بيانات عالية الجودة ومنظمة بشكل جيد لضمان أدائه الصحيح. غالبًا ما يستثمر القادة في عمليات حوكمة البيانات، وهياكل الأمان، والتكاملات التقنية لبناء قاعدة قوية لنشر الذكاء الاصطناعي بفاعلية.

تحدِّد أطر عمل حوكمة البيانات الفعَّالة بوضوح المسؤوليات والملكية على مستوى البيانات داخل المؤسسة. كما تُسهم هذه الأطر في ضمان شفافية أدوات الذكاء الاصطناعي وقابلية تفسير مخرجاتها، وهو من الجوانب الحاسمة في تبنّي الذكاء الاصطناعي لضمان دقة النتائج وتعزيز الثقة داخل المؤسسة. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد مشاريع الذكاء الاصطناعي الناجحة على بيانات ليست مناسبة للمهمة المطروحة فحسب، بل خالية من التحيز. وقد يعني هذا تنفيذ عمليات ضمان جودة البيانات وتدقيق ممارسات جمع البيانات واستخدامها بشكل روتيني.

عادةً ما يؤدي جمع البيانات إلى كسر الحواجز بين أقسام المؤسسة، وتشكيل بنية بيانات موحدة. وهذا يجعل المعلومات متاحة عبر المؤسسة. في كثير من الأحيان ، يؤدي كسر هذه الصوامع في النهاية إلى زيادة الكفاءة وخفض التكاليف. ويُسهم وجود مصدر واحد للحقيقة عبر أنظمة البيانات في المؤسسة في تمكين صانعي القرار وتقليل عبء الحفاظ على عدة أنظمة في وقت واحد. 

التركيز على تطوير القوى العاملة وإدارة التغيير

يتطلب التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة في المؤسسة المدعومة بالذكاء الاصطناعي نهجًا استباقيًا في استقطاب المواهب وتطويرها وتوزيعها. تحدث هذه العملية من خلال عملية اكتساب المواهب، ومن خلال تحسين مهارات العمال الحاليين لاستيعاب التغيير المستقبلي. خلال أي مبادرة فعَّالة للذكاء الاصطناعي، غالبًا ما يحدد القادة الأدوار التي من المرجح أن تتغير بسبب التبني ويضعون خططًا لنقل الموظفين المتأثرين. قد تشمل هذه العملية تقييم القدرات الحالية مقابل المهارات الجديدة المطلوبة، وتحديد الفجوات، ووضع آليات مدروسة لتمكين الموظفين من تطوير مهارات جديدة.

يُعَد الاستثمار في رفع الوعي بالذكاء الاصطناعي وبناء القدرات داخليًا عبر المؤسسة خطوة أساسية لتأهيل الموظفين للتعاون الفعَّال مع الأنظمة الذكية. يحرص القادة المستقبليون عادةً على تمكين الموظفين في جميع المستويات من فهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي ذات الصلة بأدوارهم الوظيفية. يساهم هذا التركيز الأوسع في تقليل المقاومة ويمكِّن المؤسسة ككل من تبنّي مبادرات الذكاء الاصطناعي في مكان العمل. كما أنه يساعد العمال على تحديد فرص تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أقسامهم أو أدوارهم.

يُعَد وضع استراتيجية شاملة ومنفتحة لإدارة التغيير أمرًا أساسيًا لدمج الذكاء الاصطناعي بنجاح. يتضمن هذا النهج التواصل الواضح بشأن كيفية وأسباب دمج الذكاء الاصطناعي في سير العمل، ومعالجة المخاوف بشكل استباقي، وتقديم حوافز مجدية لتشجيع الموظفين على تبنّي أدوار جديدة. يُسهم ذلك في بناء الثقة، ما يُمكِّن من تفاعُل أكثر فاعلية واستدامة مع التغيير التكنولوجي. 

التفكير في فوائد التحول على المدى الطويل

على مدى السنوات التي بدأ فيها الذكاء الاصطناعي يُحدِث تحوُّلًا جذريًا في سوق العمل، واجه بعض القادة توترًا بين السعي لتحقيق مكاسب إنتاجية فورية والعمل على تحولات تنظيمية أعمق. قد تُحقق التطبيقات قصيرة المدى نتائج فورية، لكن إعداد المؤسسة لمستقبل العمل يتطلب مبادرات أكثر طموحًا.

وقد تُسهم إعادة التفكير في نماذج الأعمال على ضوء قدرات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن فرص لابتكار أعمق وأكثر تأثيرًا. ينبغي للقادة تقييم الافتراضات الأساسية حول كيفية تحقيق مؤسساتهم للقيمة بشكل دوري، مع التركيز بشكل خاص على كيفية تمكين تقنيات الذكاء الاصطناعي لأساليب جديدة كليًا بدلًا من تحسين الأساليب القائمة. يمكن أن يضمن تمكين التطور المستمر للموظفين والمرونة، مع تحسين استراتيجية الذكاء الاصطناعي بشكل دائم، استمرار الملاءمة والفاعلية. غالبًا ما يضع القادة الأكثر فاعلية إجراءات واضحة لجمع البيانات وقياس النتائج. تساعد آليات التقييمات المتكررة المؤسسات على التكيُّف بسرعة مع الظروف المتغيرة مع الحفاظ على الاتساق الاستراتيجي.

التطلع نحو القوى العاملة الهجينة

في أحدث تقرير له حول مستقبل الوظائف، وجد المنتدى الاقتصادي العالمي أن ستة من كل عشرة قادة أعمال يتوقعون أن يغيِّر الذكاء الاصطناعي مؤسساتهم.1 تشير المؤسسة إلى أن المهارات المطلوبة لأداء العمل من المتوقع أن تتغير بنسبة 70% خلال السنوات الخمس القادمة. ويكمن مفتاح النجاح في اجتياز هذا التحول، سواء في القطاعَين العام والخاص، في تطوير المهارات بشكل استباقي.

يجب على الأفراد والمؤسسات على حد سواء الاستثمار في تطوير القدرات اللازمة للعمل في بيئة تدعمها تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبفضل الإدارة الفعَّالة للمهارات، قد يؤدي تأثير الذكاء الاصطناعي إلى نمو اقتصادي كبير بدلًا من تراجع فرص العمل. وفقًا لبحث أجراه معهد IBM Institute for Business Value، يقول 67% من الرؤساء التنفيذيين إن التميُّز المؤسسي مع ازدياد انتشار التكنولوجيا يعتمد على وجود الخبرات المناسبة في المناصب المناسبة مع الحوافز الملائمة. لكن وفقاً لبحث منفصل أجرته شركة IBM، يقول 20% فقط من التنفيذيين إن أقسام الموارد البشرية هي المسؤولة عن توجيه استراتيجيات العمل المستقبلية. تتطلب مواجهة المستقبل بشكل مباشر من الشركات الرائدة تحمُّل مسؤولية تأثير الذكاء الاصطناعي في طريقة عملنا.

سيصبح التصميم المدروس للأنظمة أمرًا ذا أهمية متزايدة أيضًا. يتطلب إنشاء أنظمة تعاون فعَّالة بين الإنسان والآلة اهتمامًا دقيقًا بسير العمل وتجربة الموظفين. ويمكن لأطر العمل الأخلاقية التي تعطي الأولوية للأمن وإدارة البيانات أن تضمن نتائج إيجابية. ومن خلال التعامل مع هذه التحديات باستراتيجية واضحة، ستتمكن المؤسسات من بناء مستقبل عمل مدعوم بالذكاء الاصطناعي يعزز القدرات البشرية، ما يؤدي إلى بيئات عمل أكثر إنتاجية وإرضاءً.

حلول ذات صلة
الخدمات الاستشارية ذات الصلة بتحول الموارد البشرية والمواهب

إعادة تصور الموارد البشرية وتحديثها باستخدام الذكاء الاصطناعي باعتباره عنصرًا أساسيًا فيها لتحقيق نتائج أعمال أفضل واكتشاف الإمكانات الكاملة التي يتمتع بها الموظفين.

استكشاف خدمات تحويل الموارد البشرية
أتمتة عمليات الموارد البشرية

تسريع عمليات الموارد البشرية باستخدام IBM watsonx Orchestrate وأتمتة المهام الشاقة.

    استكشف watsonx Orchestrate
    الذكاء الاصطناعي لحلول الموارد البشرية

    تبسيط عمليات الموارد البشرية وتعزيز عملية صنع القرار ودفع نتائج الأعمال من خلال حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي.

      استكشف الذكاء الاصطناعي لحلول الموارد البشرية
      اتخِذ الخطوة التالية

      إعادة تصور الموارد البشرية وتحديثها باستخدام الذكاء الاصطناعي باعتباره عنصرًا أساسيًا فيها لتحقيق نتائج أعمال أفضل، واكتشاف إمكانات الموظفين والعمل.

       

       

      استكشاف خدمات الموارد البشرية استكشف خدمات الذكاء الاصطناعي
      الحواشي